زهر الاقحوانديسمبر 1st 2010, 6:13 am
بسم الله الرحمن الرحيم
هو بطل أكيد لم نسمع عنه طوال 23 عاما، ظلّت خلالها حكايته طي الكتمان حتى حكى عنه جندي إسرائيلي، ونقلت وكالات الأنباء العالمية قصته... هذا الشهيد والذي أُطلق عليه "أسد سيناء"، هو الشهيد "سيد زكريا خليل".
تبدأ قصة الشهيد عندما صدرت التعليمات في أكتوبر 73 لطاقمه المكوّن من 8 أفراد بالصعود إلى جبل "الجلالة" بمنطقة "رأس ملعب"، وقبل الوصول إلى الجبل استُشهد أحد الأفراد الثمانية في حقل ألغام.
ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب "صفي الدين غازي" بالاختفاء وراء تبة، وإقامة دفاع دائري حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أي هجوم.
وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يُحذّران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة في اتجاه معيّن، وبعد انصرافهما زمجرت 50 دبابة معادية تحميها مروحيتان، وانكمشت المجموعة، وهي تحبس أنفاسها حتى تمرّ هذه القوات، ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلَّفة بها.
وعند حلول الظلام، وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة, ظهر البدويان ثانية، وأخبرا النقيب "غازي" أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق, ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكّنت المجموعة مِن التسلّل إلى منطقة المهمة بأرض الملعب، واحتمت بأحد التلال، وكانت مياه الشرب قد نفدت منهم؛ فتسلّل كل من: "أحمد الدفتار"، و"سيد زكريا"، و"عبد العاطي"، و"محمد بيكار" إلى بئر قريبة للحصول على الماء؛ حيث فوجئوا بوجود 7 دبابات إسرائيلية، فعادوا لإبلاغ قائد المهمة بإعداد خُطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس.
وبالفعل تم تكليف مجموعة من 5 أفراد لتنفيذها؛ منهم البطل "سيد زكريا"، وعند الوصول للبئر، وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر.
وفي طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود 3 دبابات بداخلها جميع أطقمها؛ فاشتبك "سيد زكريا" وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة، وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض.
وهاجمت بقية المجموعة الدبابات، وقضت بالرشاشات على الفارين منها, وفي هذه المعركة تم قتل 12 إسرائيليا, ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها، غير أنها فوجئت بمروحيتين تجوبان الصحراء؛ بحثا عن أي مصري للانتقام منه, ثم انضمّت إليهما مروحيتان أخريان، وانبعث صوت عالٍ من إحدى الطائرات يطلب من القائد "غازي" تسليم نفسه مع رجاله.
وقامت الطائرات بإنزال عدد من الجنود الإسرائيليين بالمظلات؛ لمحاولة تطويق الموقع، وقام الجندي "حسن السداوي" بإطلاق قذيفة "آر. بي. جي" على إحدى الطائرات، فأصيبت، وهرع الإسرائيليون منها في محاولة للنجاة؛ حيث تلقفهم "سيد زكريا" (أسد سيناء) برشاشه، وتمكّن وحده مِن قتل 22 جنديا.
وقتها استدعى الإسرائيليون طائرات جديدة أنزلت جنودا بلغ عددهم مائة جندي، اشتبك معهم "أسد سيناء"، وفي هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب "صفي الدين غازي" بعد رفضه الاستسلام.
ومع استمرار المعركة -غير المتكافئة- استشهد جميع أفراد الوحدة واحدا تلو الآخر، ولم يبقَ غير "أسد سيناء" مع زميله "أحمد الدفتار" في مواجهة الطائرات وجنود المظلات؛ حيث نفدت ذخيرتهما، ثم حانت لحظة الشهادة...
تسلّل جندي إسرائيلي خلف البطل، وأفرغ في جسده الطاهر خزانة كاملة من الرصاصات، ليستشهد على الفور، ويسيل دمه الزكي على رمال سيناء الطاهرة، بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين.
ومن هنا جاءت قصة الشهيد والتي ظلّت قصة البطولة الخاصة به مختفية، ولم تظهر إلا في عام 1996؛ ففي ذلك الوقت كان "سيد زكريا" قد احتُسِب مِن ضمن المفقودين في الحرب، وفي نفس العام اعترف جندي إسرائيلي لأوّل مرة للسفير المصري في ألمانيا بأنه قتل الجندي المصري "سيد زكريا خليل".
وسلّم الجندي الإسرائيلي متعلّقات البطل المصري إلى السفير؛ وهي عبارة عن السلسلة العسكرية الخاصة به، إضافة إلى خطاب كتبه إلى والده قبل استشهاده، وقال الجندي الإسرائيلي إنه ظلّ محتفِظا بهذه المتعلّقات طوال هذه المده تقديرا لهذا البطل، وأنه بعدما نجح في قتله، قام بدفنه بنفسه، وأطلق 21 رصاصة في الهواء تحية له، مؤكّدا أنه مقاتل فذ، وأنه قاتل حتى الموت، وتمكّن من قتل 22 إسرائيليا بمفرده.
وإذا كان "سيد زكريا" قد استحق عن جدارة التكريم؛ فالواقع أن المجموعة كلها برئاسة قائدها لم تكن أقل بطولة وفدائية؛ فهم جميعا أسود سيناء، ومصر لا تنسى أبدا أبناءها.
وقد كرّمت مصر ابنها البار، فبمجرد أن عَلِم الرئيس مبارك بقصة هذا البطل؛ حتى منحه نوط الشجاعة من الطبقة الأولى، كما أطلق اسمه على أحد شوارع حي مصر الجديدة.
ومن هنا انتهت حكاية البطل، لكن ما زال الحديث عنه وساما يفتخر به كل مصري؛ حتى يظلّ خالدا في قلب كل مصري عاش ليسمع بطولته وشهادته من أجل مصر.
هو بطل أكيد لم نسمع عنه طوال 23 عاما، ظلّت خلالها حكايته طي الكتمان حتى حكى عنه جندي إسرائيلي، ونقلت وكالات الأنباء العالمية قصته... هذا الشهيد والذي أُطلق عليه "أسد سيناء"، هو الشهيد "سيد زكريا خليل".
تبدأ قصة الشهيد عندما صدرت التعليمات في أكتوبر 73 لطاقمه المكوّن من 8 أفراد بالصعود إلى جبل "الجلالة" بمنطقة "رأس ملعب"، وقبل الوصول إلى الجبل استُشهد أحد الأفراد الثمانية في حقل ألغام.
ثم صدرت التعليمات من قائد المجموعة النقيب "صفي الدين غازي" بالاختفاء وراء تبة، وإقامة دفاع دائري حولها على اعتبار أنها تصلح لصد أي هجوم.
وعندئذ ظهر اثنان من بدو سيناء يُحذّران الطاقم من وجود نقطة شرطة إسرائيلية قريبة في اتجاه معيّن، وبعد انصرافهما زمجرت 50 دبابة معادية تحميها مروحيتان، وانكمشت المجموعة، وهي تحبس أنفاسها حتى تمرّ هذه القوات، ولتستعد لتنفيذ المهمة المكلَّفة بها.
وعند حلول الظلام، وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة, ظهر البدويان ثانية، وأخبرا النقيب "غازي" أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق, ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكّنت المجموعة مِن التسلّل إلى منطقة المهمة بأرض الملعب، واحتمت بأحد التلال، وكانت مياه الشرب قد نفدت منهم؛ فتسلّل كل من: "أحمد الدفتار"، و"سيد زكريا"، و"عبد العاطي"، و"محمد بيكار" إلى بئر قريبة للحصول على الماء؛ حيث فوجئوا بوجود 7 دبابات إسرائيلية، فعادوا لإبلاغ قائد المهمة بإعداد خُطة للهجوم عليها قبل بزوغ الشمس.
وبالفعل تم تكليف مجموعة من 5 أفراد لتنفيذها؛ منهم البطل "سيد زكريا"، وعند الوصول للبئر، وجدوا الدبابات الإسرائيلية قد غادرت الموقع بعد أن ردمت البئر.
وفي طريق العودة لاحظ الجنود الخمسة وجود 3 دبابات بداخلها جميع أطقمها؛ فاشتبك "سيد زكريا" وزميل آخر له من الخلف مع اثنين من جنود الحراسة، وقضيا عليهما بالسلاح الأبيض.
وهاجمت بقية المجموعة الدبابات، وقضت بالرشاشات على الفارين منها, وفي هذه المعركة تم قتل 12 إسرائيليا, ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها، غير أنها فوجئت بمروحيتين تجوبان الصحراء؛ بحثا عن أي مصري للانتقام منه, ثم انضمّت إليهما مروحيتان أخريان، وانبعث صوت عالٍ من إحدى الطائرات يطلب من القائد "غازي" تسليم نفسه مع رجاله.
وقامت الطائرات بإنزال عدد من الجنود الإسرائيليين بالمظلات؛ لمحاولة تطويق الموقع، وقام الجندي "حسن السداوي" بإطلاق قذيفة "آر. بي. جي" على إحدى الطائرات، فأصيبت، وهرع الإسرائيليون منها في محاولة للنجاة؛ حيث تلقفهم "سيد زكريا" (أسد سيناء) برشاشه، وتمكّن وحده مِن قتل 22 جنديا.
وقتها استدعى الإسرائيليون طائرات جديدة أنزلت جنودا بلغ عددهم مائة جندي، اشتبك معهم "أسد سيناء"، وفي هذه اللحظة استشهد قائد المجموعة النقيب "صفي الدين غازي" بعد رفضه الاستسلام.
ومع استمرار المعركة -غير المتكافئة- استشهد جميع أفراد الوحدة واحدا تلو الآخر، ولم يبقَ غير "أسد سيناء" مع زميله "أحمد الدفتار" في مواجهة الطائرات وجنود المظلات؛ حيث نفدت ذخيرتهما، ثم حانت لحظة الشهادة...
تسلّل جندي إسرائيلي خلف البطل، وأفرغ في جسده الطاهر خزانة كاملة من الرصاصات، ليستشهد على الفور، ويسيل دمه الزكي على رمال سيناء الطاهرة، بعد أن كتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين.
ومن هنا جاءت قصة الشهيد والتي ظلّت قصة البطولة الخاصة به مختفية، ولم تظهر إلا في عام 1996؛ ففي ذلك الوقت كان "سيد زكريا" قد احتُسِب مِن ضمن المفقودين في الحرب، وفي نفس العام اعترف جندي إسرائيلي لأوّل مرة للسفير المصري في ألمانيا بأنه قتل الجندي المصري "سيد زكريا خليل".
وسلّم الجندي الإسرائيلي متعلّقات البطل المصري إلى السفير؛ وهي عبارة عن السلسلة العسكرية الخاصة به، إضافة إلى خطاب كتبه إلى والده قبل استشهاده، وقال الجندي الإسرائيلي إنه ظلّ محتفِظا بهذه المتعلّقات طوال هذه المده تقديرا لهذا البطل، وأنه بعدما نجح في قتله، قام بدفنه بنفسه، وأطلق 21 رصاصة في الهواء تحية له، مؤكّدا أنه مقاتل فذ، وأنه قاتل حتى الموت، وتمكّن من قتل 22 إسرائيليا بمفرده.
وإذا كان "سيد زكريا" قد استحق عن جدارة التكريم؛ فالواقع أن المجموعة كلها برئاسة قائدها لم تكن أقل بطولة وفدائية؛ فهم جميعا أسود سيناء، ومصر لا تنسى أبدا أبناءها.
وقد كرّمت مصر ابنها البار، فبمجرد أن عَلِم الرئيس مبارك بقصة هذا البطل؛ حتى منحه نوط الشجاعة من الطبقة الأولى، كما أطلق اسمه على أحد شوارع حي مصر الجديدة.
ومن هنا انتهت حكاية البطل، لكن ما زال الحديث عنه وساما يفتخر به كل مصري؛ حتى يظلّ خالدا في قلب كل مصري عاش ليسمع بطولته وشهادته من أجل مصر.