mr_ashraf30فبراير 8th 2011, 6:36 pm
قال تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "
صلة الارحام أساس بناء الحياة
يهدِف
الإسلام إلى بناءِ مجتمعٍ إسلاميٍّ متراحمٍ متعاطِف ، تسودُه المحبّةُ
والإخاء ، ويهيمِن عليه حبّ الخيرِ والعَطاء ، والأسرةُ وِحْدةُ المجتمع ،
تسعَد بتقوى الله ورعايةِ الرّحِم ، اهتمّ الإسلامُ بتوثيق عُراها وتثبيتِ
بُنيانها ، فجاء الأمر برعايةِ حقّها بعدَ توحيد الله وبرّ الوالدين ، قال
جلّ وعلا {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى}
وقُرِنَت مع إفرادِ الله بالعبادةِ والصّلاةِ والزّكاة ، فعن أبي أيّوب
الأنصاريّ رضي الله عنه قال : جاء رجلٌ إلى النبيّ فقال : أخبِرني بعملٍ
يدخلني الجنّة ، قال " تعبد الله ولا تشرِكُ به شيئًا ، وتقيمُ الصلاة ،
وتؤتي الزكاةَ ، وتصِلُ الرّحم " [ متفق عليه ] وقد أُمِرَت الأمم قبلَنا
بصِلة أرحامِها ، قال سبحانه { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى }
ودَعا إلى صِلتها نبيُّنا محمّدٌ في مَطلعِ نُبوّته ، قال عَمْرُو بنُ
عبَسَة : قدمتُ مكّةَ أوّلَ بعثةِ النبيّ فدخلتُ عليه فقلت : ما أنت ؟ قال "
نبيّ " قلت : وما نبيّ ؟ قال " أرسَلَني الله " قلت : بِمَ أرسلك ؟ قال "
بصلةِ الأرحام وكسرِ الأوثان وأن يُوحَّد الله " [ رواه الحاكم ] وسأل
هِرقل أبا سفيانٍ عن النبيّ ما يقول لكم ؟ قال : يقول " اعبُدوا الله وحدَه
ولا تشركوا به شيئًا " ويأمرنا بالصّلاة والصِّدق والعَفاف والصّلَة [
متفق عليه ] وأمَر بها عليه الصلاة والسلام أوّلَ مقدمِه إلى المدينة ، قال
عبد الله بن سلام : لمّا قدم النبيّ المدينةَ انجفلَ الناس إليه ـ أي:
ذهَبوا إليه ـ فكان أوّلَ شيء سمعتُه تكلَّم به أن قال " يا أيّها الناس ،
أفشوا السّلام ، وأطعِموا الطّعام ، وصِلوا الأرحامَ ، وصَلّوا بالليل
والنّاس نِيام ، تدخلوا الجنّة بسلام " [ رواه الترمذيّ وابن ماجه ] وهي
وصيّة النبيّ قال أبو ذر: أوصاني خليلِي بصِلة الرّحم وإن أدبَرَت [ رواه
الطبراني ] فصِلةُ ذوي القربَى أمارةٌ على الإيمان " من كان يؤمِن بالله
واليومِ الآخر فليصِل رحِمَه " [ متفق عليه ] وقد ذمّ الله كفّارَ قريش على
قطيعةِ رحمِهم فقال عنهم { لاَ يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً }
*
لقد خلق الله الرحمَ ، وشقَقَ لها اسمًا من اسمِه ، ووعَد ربُّنا جلّ وعلا
بوصلِ مَن وصلَها ، ومَن وصَله الرحيمُ وصلَه كلُّ خير ولم يقطَعه أحد ،
ومن بَتَره الجبّار لم يُعلِه بشرٌ وعاشَ في كَمَد { وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } والله يُبقي أثرَ واصلِ الرّحم طويلاً ، فلا يضمحِلّ سريعًا كما يضمحِلّ أثر قاطعِ الرّحم ، قال النبيّ عليه الصلاة والسلام " قال الله للرّحم : أما ترضينَ أن أصلَ من وصلك وأن أقطعَ من قطعك ؟ قالت : بلى ، قال : فذاك لك " [ متفق عليه ] "والرحمُ معلّقة بالعرش تقول : مَن وصلني [ وصله الله ] ومن قطعني [ قطعه الله ] " .