اشكيكم للهمايو 22nd 2011, 7:18 pm
الحمد لله الذى أنعم علينا بنعمة
الإسلام، وجعلنا من أمة أعظم الرسل وأكرمها، محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى
السلام. والحمد لله الذى أرسل إلينا خير رسله، وأنزل إلينا أحسن كتبه، وشرع
لنا أفضل شرائع دينه، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس وهدانا لمعالم دينه الذى ليس به التباس.
وأشهد أن لا إله إلا الله؛ أرسل رسوله بالهدى ودين الحق
ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وأشهد أن حبيبنا وزعيمنا وقائدنا
وقدوتنا؛ رسول الحق، وأكرم الخلق، محمد صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وهو سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَبِيَدِه لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِه يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وهو أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وهو أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِه فَيُدْخُلُهَا وَمَعَه فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا فَخْرَ وهوأَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَلَا فَخْرَ".
صلوات الله وتسليماته عليك ياسيدى يارسول الله فى
الأولين وفى الآخرين، وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين، وارض اللهم ياربنا
عن أزواجه الطاهرات الطيبات أمهات المؤمنين وعن الصحابة الغر الميامين، وعن
التابعين وعن كل من تبعهم واستن بسنتهم وانتهج منهجهم إلى يوم الدين،
وبعد..
إخوة الإيمان والإسلام:
"لماذا نحب محمد صلى الله عليه وسلم"، سؤال يجب على كل واحد منا أن يعلم إجابته جيدا، وأن يستشعر أسباب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل وقت وفى كل حين.
وفى البداية أيها الأحباب، أذكر نفسى وحضراتكم بأن محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمور الفطرية بالنسبة لأى مسلم ومسلمة، وهناك العديد والعديد من أسباب محبتنا له صلى الله عليه وسلم ، أهمها:
أن الله أمرنا بحبه وطاعته؛ فالله سبحانه وتعالى يقول:
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُوَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْوَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَوَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ)
ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى الحديث
الذى يرويه الإمام البخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: "قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "
وفى الحديث الذى يرويه مسلم فى صحيحه عن أنس أيضا أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ مَنْ كَانَ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ
الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي
الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ
يُقْذَفَ فِي النَّارِ "
ويقول شيخ الإسلام؛ الإمام ابن تيمية رحمه الله: "الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إنما يحب لأجل الله ويطاع لأجل الله ويتبع لأجل الله"
فنحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأننا نحب الله ولأن الله أمرنا بذلك.
ونحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله هو الذى رباه وأدبه واصطفاه وزكاه فى كل شئ:
فقد ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيما، فقد مات
أبوه وهو فى بطن أمه، وماتت أمه وهو طفل صغير، ولكن عناية الله ورعايته
لازمته منذ نعومة أظفاره؛ والمتبع لسنته صلى الله عليه وسلم يجد ذلك واضحا
فى جميع مواقفه وفى جميع حركاته وسكناته.
والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "أدبنى ربى فأحسن تأديبى"
والله سبحانه وتعالى اصطفاه وشرفه لمقام الرسالة؛ فيقول سبحانه: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ).
والله سبحانه وتعالى زكاه فى كتابه العزيز، فى كل شئ:
فزكاه فى عقله فقال : (ما ضل صاحبكم وما غوى)
وزكاه فى منطقه ولسانه، فقال: (وما ينطق عن الهوى)
وزكاه فى علمه فقال: (علمه شديد القوى)
وزكاه فى حلمه فقال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم)
وزكاه فى رحمته فقال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)
وزكاه فى سعة صدره فقال: (ألم نشرح لك صدرك)
وزكاه فى طهره فقال : (ووضعنا عنك وزرك).
وزكاه فى ذكره فقال: (ورفعنا لك ذكرك)
وزكاه فى كل شئ فقال : (وإنك لعلى خلق عظيم)
صلى عليك الله ياعلم الهدى، ماهبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم.
ونحبه صلى الله عليه وسلم لجماله وبهائه وكماله؛
فقد كان فيه من الصفات ما يأسر القلوب والألباب؛ فيدخل عليه الأعرابى
الجاف المكذب له، ثم يخرج من عنده بوجه غير الذى دخل به، ويقسم بالله
ويقول: لا والله ما هذا بوجه كاذب (صلى الله عليه وسلم).
وفى هذا يقول عبد الله بن رواحة : لو لم تكن فيه آيات مبينة … لكان منظره ينبيك بالخبر
ويقول حسان بن ثابت: وأجمل منك لم تر قط عينى … وأحسن منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب … كأنك قد خلقت كما تشاء
ونحن نحب المصطفى صلى الله عليه وسلم لكمال رأفته ورحمته بأمته وحرصه على هدايتها:
إن شئت فاستمع إلى قول الله عز وجل: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)
وفى الحديث الذى رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّيوَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي… وفى الحديث أن الله عز وجل أرسل إليه جبريل أن يا مُحَمَّدٍ إنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ"
ونحن نحبه صلى الله عليه وسلم لشفاعته لنا يوم القيامة:
ففى الحديث الذى رواه البخارى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لِكُلِّ
نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ
وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا
يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا "
وتتجلى شفاعته صلى الله عليه وسلم فى حديث الشفاعة الذى يرويه لنا المقداد بن الأسود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه
إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون على قدر ميل أو ميلين
فتصهرهم الشمس، فيكونون فى العرق على قدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه عرقه
إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه العرق إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه العرق إلى
حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما؛ حتى إذا عظم الخطب واشتد الكرب،
ألهموا أن يستشفعوا بالأنبياء…
وفى هذا الحديث أيها الأحباب، أن الناس يذهبون للأنبياء (آدم، نوح، إبراهيم، موسى، عيسى) فيقول كل منهم نفسى نفسى.
وعندما يذهبون إلى محمد صلى الله عليه وسلم، يقول أنا لها
، ويأتى تحت العرش ويقع ساجدا، ويفتح الله عليه ويلهمه من محامده وحسن
الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبله.. إلى أن يقول المولى عز وجل .. يا محمد إرفع رأسك سل تعطه.. إشفع تشفع.. فيرفع النبى صلى الله عليه وسلم رأسه ويقول يا رب أمتى أمتى .. ويشفع لنا صلى الله عليه وسلم ..
أفلا نحبه بعد كل هذا.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن أيها الأخوة الأحباب هو : كيف نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟
إننا لا نستطيع أيها الأحباب أن نحب الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم ما لم ندرس سيرته دراسة جيدة، ونقف على جميع
أحواله ونستخرج منها العبر والعظات ونسقطها على واقعنا الحالى.
وللأسف الشديد أيها الأحباب، هناك الكثير والكثير من المسلمين اليوم (وما أبرئ نفسى) لا يعلمون الكثير عن سيرته صلى الله عليه وسلم؛
فلا يعلمون شيئا عن ظروف ولادته ، ولا عن نسبه ولا عن
طفولته وصباه وتجارته، ولا عن أحوال العرب قبل رسالته، ولا عن زوجاته
وأصحابه وأولاده وبناته، ولا عن غزواته ولا عن جهاده، ولا عن صفاته الخلقية
والخلقية … إلى آخر ذلك من الأشياء التى يجب على كل مسلم ومسلمة أن يعلمها
عن الرسول
صلى الله عليه وسلم لكى يستحق أن يكون معه صلى الله عليه وسلم فى الجنة
وأن يشرب من يده الشريفة ومن حوضه الشريف شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبدا.
ونحبه صلى الله عليه وسلم بمتابعته فى جميع أموره:
فهو الذاكر لله عز وجل فى جميع حركاته وسكناته،
فليس هناك حركة من الحركات أو وقت من الأوقات أو موقف من المواقف إلا وكان
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ذكرا لله عز وجل يستشعر بها معية الله
عز وجل.
وهو الذى عاش على الكفاف؛ ففى الحديث الذى يرويه الإمام مسلم عن عروة بن الزبير؛ أن السيدة عائشة (خالته) قالت له: وَاللَّهِ
يَا ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ
الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا
أُوقِدَ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَارٌ، قَالَ يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ؟ قَالَتِ
الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ
وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ
وهو الأب الحانى، فهذان الحسن والحسين (سيدا شباب أهل الجنة) وهما أطفال يركبانه صلى الله عليه وسلم ويلاعبهما، ويمر عليه عمر رضى الله عنه، فيقول لهما: نعم المطية ركبتما، فيضحك الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: بل نعم الراكبان هما ياعمر.. ويضحك صلى الله عليه وسلم ويخرج لهما لسانه الشريف.
وهو الزوج الكريم وهو الصاحب الناصح الصادق الأمين .. وهو الذى يبكى لمرض أصحابه ..
ونحبه صلى الله عليه وسلم أيضا بطاعته والبعد عن جميع نواهيه لأن طاعته من طاعة الله:
يقول المولى عز وجل: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُوَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) ويقول: (مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) ، ويقول: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَوَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَوَالصِّدِّيقِينَوَالشُّهَدَاءِوَالصَّالِحِينَوَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ
وما در قول الشاعر: تعصى الرسول وأنت تزعم حبه … هذا لعمرى فى القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته … إن المحب لمن يحبمطيع
ونحبه صلى الله عليه وسلم بإتباع هديه فى جميع أموره:
لقول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَوَالْيَوْمَ الآخِرَ)
وقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى يرويه لنا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ: عَلَيْكُمْ
بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا
وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي
وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ "
وقوله صلى الله عليه وسلم :"مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ"
وفى ذلك يقول الشاعر : من يدع حب النبى ولم يفد … من هديه فسفاهة وهراء
فالحب أول شرطه ووجوبه … إن كان صدقا طاعة ووفاء
ونحبه صلى الله عليه وسلم بأن نذكره فى كل وقت ونتمنى رؤيته:
لقوله صلى الله عليه وسلم : " مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ"
بلال بن رباح رضى الله عنه، على فراش الموت يحتضر ويقول: "غدا نلقى الأحبة محمد وصحبه".
ونحبه صلى الله عليه وسلم بأن نكون فى صلاة دائمة عليه صلى الله عليه وسلم لما فى ذلك من الخير العظيم:
فالله سبحانه وتعالى يأمرنا بذلك ويقول : (إِنَّ اللَّهَوَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِوَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ويقول أَهْلِ الْعِلْمِ : صَلَاةُ الرَّبِّ الرَّحْمَةُ وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ .
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا).
ويقول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ.
ويقول: مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ خَطِئَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ.
ونحبه صلى الله عليه وسلم بأن نحب آل بيته وقرابته :
لقوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِوَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
وفى حديث زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أن رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمًا خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَنِي
رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ
أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَتَمَسَّكُوا
بِكِتَابِ اللَّهِ وَخُذُوا بِهِ فَحَثَّ عَلَيْهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ
قَالَ وَأَهْلَ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ثَلَاثَ
مَرَّاتٍ "
ونحبه صلى الله عليه وسلم بأن نحب أصحابه:
يقول الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِوَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ
رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِوَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِيوَجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السجود).
ويقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهَ
اللَّهَ فِي أَصْحَابِي اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا
تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ
وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ
آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ
أَنْ يَأْخُذَهُ .
ونحبه صلى الله عليه وسلم بأن نحب أسبابه:
فنحب مكة أحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحب المدينة دار هجرته وإقامته ومثواه صلى الله عليه وسلم
ونحب القدس مسراه صلى الله عليه وسلم ومكان معراجه إلى السماء
ونحب القرآن وحى الله إليه
ونحب سنته التى تركها لنا حتى لا نضل بعده أبدا.
اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك .. اللهم آمين .. أدعو الله
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى .. وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمد عبده ورسوله
النبى المصطفى .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجميعن .. وبعد
ذكرنا فى الخطبة الأولى .. لماذا نحب وكيف نحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعالوا معى أيها الأحباب نذكر نموذجين فقط
(نظرا لضيق الوقت) من نماذج حب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين للحبيب
محمد صلى الله عليه وسلم؛ لنتعلم منهم كيف نحبه:
فهذا هو خبيب بن عدى فى المراحل الأولى للدعوة
الإسلامية، يضطهد ويعذب، ويعلق على خشبة الصلب فى مكة ويكون مرمى لنبال
الصبية وأحجارهم، وهو فى هذه الحال يمر عليه أبو سفيان وهو يومئذ على
الكفر، فيقول له: "أتحب أن تكون آمنا فى بيتك ومحمدا مكانك"، فيقول خبيب:
لا والله ما أحب أن أكون آمنا فى بيتى ومحمد صلى الله عليه وسلم تصيبه
شوكة.
وهذا ما جعل سهيل بن عمرو يقول: "لقد دخلت على الملوك، وكسرى وقيصر، فما وجدت وما رأيت أحدا يحب أحد، كحب أصحاب محمد لمحمد.
ويتجلى حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وطاعتهم إياه عندما جمعهم صلى الله عليه وسلم قبل غزوة بدر ليخبرهم أن الله
عز وجل أمرهم بالجهاد ويستشيرهم فى أمر الجهاد، فيقول لهم صلى الله عليه
وسلم؛ أيها الناس: أشيروا عليّ:
فيقوم أبو بكر فيتحدث ويحسن الحديث ويقول سر يا رسول
الله على بركة الله فنحن معك، فيقول صلى الله عليه وسلم جزاك الله خيرا يا
أبا بكر، ويقول: أيها الناس: أشيروا عليّ
فيقوم عمر فيتحدث ويحسن الحديث ويقول مثل ما قال أبو بكر ويرد عليه الرسول جزاك الله خيرا ياعمر، ويقول: أيها الناس : أشيروا عليّ
فيقوم المقداد بن عمرو، فيقول: "إمض
يا رسول الله لما أمرك الله به، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنوا
إسرائيل لموسى إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكننا نقول: إذهب
أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فواللذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك
الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه". فيسر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ولكنه يقول أيضا: أيها الناس: أشيروا علي
(وذلك لأن المتحدثين أيها الأحباب كانوا من المهاجرين، ورسول الله يريد
أخذ رأى الأنصار)، فيفطن لذلك سعد بن معاذ رضى الله عنه (سيد الأنصار)،
فيقول للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ كأنك تريدنا؟! فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم
فيرد سعد بن معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمات سطرها التاريخ بأحرف من نور، كلمات كأنها عقد من اللؤلؤ، يقول له:
"يا رسول الله، إنك عسى
أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله لك غيره، فانظر يا رسول الله إلى الذى أحدثه
الله لك فامض إليه.. فإنا قد آمنا بك وصدقناك.. وشهدنا أن ما جئت به الحق..
وأعطيناك عهودنا على السمع والطاعة..
ولعلك يا رسول الله ترى أن الأنصار عليها ألا ينصروك إلا فى ديارهم، وإنى أقول عن الأنصار وأجيب عنهم:
إمض يا رسول الله حيث شئت.. وصل حبل من شئت.. واقطع
حبل من شئت.. وسالم من شئت.. وعاد من شئت.. وخذ من أموالنا ما شئت.. واترك
لنا ما شئت، وما تركته لنا أحب إلينا مما أخذت.. وما أمرت فيه من أمر
فأمرنا تبعا لأمرك.. فامض يا رسول الله لما أمرت فنحن معك ..
والذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل ..
وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا .. وإنا لصبر فى الحرب.. صدق عند اللقاء.. ولعل الله يريك منا ماتقر بهعينك.. فسر على بركة الله.
والنماذج أيها الأحباب كثير وكثير أكثر من أن تحصى.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا حبه، وحب النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وحب من يحبه وحب عمل يقربنا إلى حبه.
اللهم صل على سيدنا محمد فى الأولين .. والآخرين.. وفى
الملأ الأعلى إلى يوم الدين.. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات .. والمسلمين
والمسلمات …