karamمايو 25th 2011, 6:58 pm
الدكتور الروقي رئيس قسم الشريعة بجامعة الطائف في حوار مع الفقه الإسلامي
حوار: فضل الله ممتاز
ما هي أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على
الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله
الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل
منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس
على ما يرضي الله تعالى، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (والله ورسوله أحق
أن يرضوه) . وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة
العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا،
وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم
ومتعاطف..
فضيلة الدكتور كيف يمكن بيان مرونة الفقه الإسلامي وأنه يحث على التراحم؟
نعم حينما نسمع بقسوة القلوب ، وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين
حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا
كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه
وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى:
(إنما المؤمنون إخوة) وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى).وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) وروى البخاري عن أبي موسى -رضي
الله عنه- عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه. وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب
لنفسك تكن مسلماً) وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره
لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان.
ما نصيحتكم لمن يقدر على الشفاعة الحسنة من أجل بيان مرونة الشرعية الإسلامية وأن الدين يسر؟
أقول : يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع
للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة،
سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل
سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة)
وروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع
إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده
مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية
كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها
بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون
إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذلك بدون شفاعة مؤتمن على
حقوق الناس ومصالحهم.قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
جهولا). وقال: )إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى" أهلها وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا
بصيرا(.
ولكن هناك وساطات تضيع الحقوق .. فما رأيكم في هذه الوساطات؟
لا يجور قبول الوساطات التي تضيع الحقوق، وتحيد عن العدل
والمساواة ، وتولد الشعور بالظلم والغبن وفقدان الثقة بين أفراد المجتمع، و
تساعد على الباطل والإثم، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى" ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، وقال
سبحانه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) .
فضيلة الدكتور ، بما أن الفقه الإسلامي يعالج واقع الناس، فما رأي فضيلتكم في ممارسة الرياضة التي يمارسها الشباب المسلم ؟
إن مجال الرياضة يتسع للكبير والصغير، وتختلف دوافع أهله، وتتفاوت
طموحاتهم، وتتنوع طاقاتهم، فمنهم المحسن، ومنهم المسيء. والرياضة في ذاتها
سواء كانت بدنية أو ذهنية، منها النافع المفيد، ومنها الضار الفاسد، وتكاد
تكون ممارسة الرياضة من الأنشطة الإنسانية التي بدأها الإنسان منذ فجر
قديم، بعضها كان يتعلق بتقوية البنية الجسدية، وبعضها تعلق بالتدريب اليومي
فيما يصب في فنون القتال والحرب بصورته القديمة، وبعضها كان من باب
التسلية، غير أن تحول الرياضات إلى مؤسسات ضخمة، ورصد الدول لها مليارات
الأموال، وإنشاء أندية خاصة بها، وإتحاد ومسابقات محلية ودولية، وإنشاء
قنوات تحتكر إذاعة المباريات، فتحولت الرياضة من ممارسة إلى طريق للتكسب
والتربح، ليس الفردي ، بل الدولي، وأضحت بعض الدول تخرج من ميزانيتها ما
تسعى للمشاركة الدولية، على حساب تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن أن
يستغني عنها أي إنسان .
ولكن برزت إشكاليات أخرى كما نقرأ في وسائل
الإعلام فهناك الرياضات العنيفة ، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس
كالملاكمة والمصارعة في بعض أشكالهما ..فماذا تقولون في هذه الإشكاليات؟
نعم في الواقع برزت إشكاليات أخرى في عالم الرياضة كالرياضات
العنيفة، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس كالملاكمة والمصارعة في بعض
أشكالهما، بل وأدخل الحيوان فيها ليصارعه الإنسان فيما يعرف بمصارعة
الثيران، وكذلك الرياضات مع باقي الحيوانات كالأسود والثعابين واستعراض
القوى، مما قد يؤدي إلى قتل الإنسان نفسه من خلال تلك الرياضة.
ولكن هناك فوائد محققة في ممارسة الرياضة في تقوية جسم الإنسان؟
حث الإسلام على ممارسة الرياضة النافعة للجسد وجعلها من الأعمال الفاضلة و
تأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية الصحية،
باعتبارها علامة من علامات الصحة، ووسيلة فعَّالة ناجحة للترقي بالإنسان في
مراتب التفوق البدني، حتى إنها - في كثير من الأحيان- لتسبق بالإنسان نحو
السلامة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء، فقد أصبحت ممارسة
أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلاً في علاج بعض الأمراض المتعلقة
بزيادة الوزن، والإصابات الجسمية، والجلطات الدموية ونحوها من الأمراض،
إضافة إلى كونها وسيلة فعَّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لاستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية، والأندية التأهيلية، حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية
مرادهم من الأجهزة والوسائل والتدريب والإشراف ما يُعينهم على تجاوز
أزماتهم الصحية، في وقت قلَّت فيه حركة الإنسان اليومية؛ حين نابت عنه
الآلات الصناعية في كثير من أعماله البدنية .
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع، ولا سيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو
أبعد من مجرد الصحة البدنية بكثير، حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً
لا تكاد تحصى من الألعاب والأنشطة الإنسانية المختلفة، ويستقطب في برامجه
كل فئات المجتمع، فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ
الممارسة العملية، باعتباره هدفاً رئيساً، وغاية ضرورية من غايات الرياضة
إلى أن تصل بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الاستثماري، فتصبح الرياضة
سلعة استهلاكية يتَّجر بها المستثمرون المتربِّصون بحاجات الناس
ومتطلباتهم، فراجت تجارة اللاعبين، والمقامرة المالية، والدعاية الإعلامية،
والشهرة العالمية، والثقافة الرياضية، ومتعة التفرج، وأقيمت المنشأت
للمنافسات الدولية، ونحوها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
التي لا علاقة لها أصلاً بمبدأ الرياضة البدنية.
إذا كيف تنظرون إلى أنواع الرياضة العالمي من المنظور الفقهي؟
إن أنواع الرياضة العالمي، بكل ما تحويه من التفاعل الحركي، والتنافس
الدولي، والاستهلاك الثقافي، والمتعة الشخصية، والممارسة الواقعية: لا تزيد
- في المفهوم الإسلامي - عن كونها مصلحة كمالية في غالب الأحوال، لا يجوز
أن تتعارض مع مصلحة حاجية، فضلاً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإلا أصبحت
محرمة شرعاً ، وواقع الممارسات الرياضية، وما يلحق بها من أنشطة وألعاب
ومنافسات ومخاطرات، وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلاقية كالتبرج في النساء،
والاختلاط بين الجنسين، من غير المحارم، والمقامرة المالية، وما يتبع ذلك
من تضييع للواجبات، ووقوع في المحرمات، كل ذلك ينقل هذه الممارسات الرياضية
من الإباحة إلى الكراهية وإلى التحريم، بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة، التي حذر الشارع الحكيم منها وتوعَّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة واحتراف الألعاب يتوقف حكمه على مدى الحاجة إليه والمصلحة
التي تعود للمجتمع منه.
ما رأي فضيلتكم في التحزب الرياضي؟
لا يرضى الإسلام بالتحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد
بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد،
ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف،كما لا يجوز إخراج الألفاظ النابية من فريق
لآخر، وتكره التصرفات التي تقلل من كرامة الإنسان سواء أكانت في التشجيع أم
في اللعب.
ما نصيحتكم للشاب الذين يمارسون الرياضة؟
من الأدب أن يمارس كل جنس ما يوافقه من ألعاب رياضية، وألا يقوم الرجال برياضة النساء ولا العكس.
و الأصل أن يحافظ الناس على الصلاة ولا يتركونها لأجل الرياضة، وفي حالات
المبارايات الدولية، يؤخذ بأخف الآراء في الوقت الصلاة مما يجعل الناس
يحافظون على الصلاة ويخرجون لتشجيع فريقهم القومي، كتقديم وقت صلاة الجمعة
عن وقت صلاة الظهر كما هو مذهب الحنابلة.
كما أود أن أنبه أنه يجوز للنساء ممارسة الرياضة المباحة مع الالتزام بالشروط الواجبة كستر العورة وعدم الضرر والإيذاء وغير ذلك.
ولا بأس بممارسة رياضة "العدو" من المرأة مع محارمها في الحدائق العامة مع التزام الحجاب الشرعي.
بما أن الفقه الإسلامي يعالج كل المسائل في حياة الناس فما نصيحتكم للشاب من أجل التزود من الفقه الإسلامي؟
تظهر حاجة الشاب الدينية إلى الفقه الإسلامي و الثقافة الإسلامية للتخلص من
التعصب المذهبي، فبدل أن يكون التعصب لآراء الرجال وأفكارهم وأقوالهم يكون
تعصبه للحق المشفوع بالدليل والبرهان.
كما تظهر الحاجة الشرعية بالفقه الإسلامي و للثقافة الإسلامية أيضاً لتوضيح
كثير من الانحرافات في المفاهيم الإسلامية..ولا نبالغ إذا قلنا إن
الاهتمام بالفقه الإسلامي هو الأساس الذي ينبثق منه جميع الحاجات الأخرى
الفكرية أو الانتمائية أو الاجتماعية أو الخلقية على حد سواء ... إلخ ، بل
إن هذه الحاجة هي التي تحدد مصير الإنسان الأبدي فيما بعد هذه الحياة
الدنيوية القصيرة الزائلة.
هل من كلمة للعاملين في موقع الفقه الإسلامي؟
أقول لهم: إن موقع الفقه الإسلامي من المواقع الهادفة التي تساهم في نشر
المفاهيم الفقهية والثقافة الشرعية في أوساط طلبة العلم ؛ فأنصح العاملين
في هذا الموقع بتحري الدقة والإخلاص في عملهم بما يرضي الله ـ عزوجل.
الفقه اليوم / متفرقات
الدكتور الروقي رئيس قسم الشريعة بجامعة الطائف في حوار مع الفقه الإسلامي
حوار: فضل الله ممتاز
ما هي أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على
الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله
الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل
منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس
على ما يرضي الله تعالى، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (والله ورسوله أحق
أن يرضوه) . وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة
العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا،
وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم
ومتعاطف..
فضيلة الدكتور كيف يمكن بيان مرونة الفقه الإسلامي وأنه يحث على التراحم؟
نعم حينما نسمع بقسوة القلوب ، وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين
حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا
كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه
وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى:
(إنما المؤمنون إخوة) وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى).وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) وروى البخاري عن أبي موسى -رضي
الله عنه- عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه. وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب
لنفسك تكن مسلماً) وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره
لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان.
ما نصيحتكم لمن يقدر على الشفاعة الحسنة من أجل بيان مرونة الشرعية الإسلامية وأن الدين يسر؟
أقول : يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع
للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة،
سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل
سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة)
وروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع
إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده
مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية
كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها
بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون
إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذلك بدون شفاعة مؤتمن على
حقوق الناس ومصالحهم.قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
جهولا). وقال: )إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى" أهلها وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا
بصيرا(.
ولكن هناك وساطات تضيع الحقوق .. فما رأيكم في هذه الوساطات؟
لا يجور قبول الوساطات التي تضيع الحقوق، وتحيد عن العدل
والمساواة ، وتولد الشعور بالظلم والغبن وفقدان الثقة بين أفراد المجتمع، و
تساعد على الباطل والإثم، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى" ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، وقال
سبحانه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) .
فضيلة الدكتور ، بما أن الفقه الإسلامي يعالج واقع الناس، فما رأي فضيلتكم في ممارسة الرياضة التي يمارسها الشباب المسلم ؟
إن مجال الرياضة يتسع للكبير والصغير، وتختلف دوافع أهله، وتتفاوت
طموحاتهم، وتتنوع طاقاتهم، فمنهم المحسن، ومنهم المسيء. والرياضة في ذاتها
سواء كانت بدنية أو ذهنية، منها النافع المفيد، ومنها الضار الفاسد، وتكاد
تكون ممارسة الرياضة من الأنشطة الإنسانية التي بدأها الإنسان منذ فجر
قديم، بعضها كان يتعلق بتقوية البنية الجسدية، وبعضها تعلق بالتدريب اليومي
فيما يصب في فنون القتال والحرب بصورته القديمة، وبعضها كان من باب
التسلية، غير أن تحول الرياضات إلى مؤسسات ضخمة، ورصد الدول لها مليارات
الأموال، وإنشاء أندية خاصة بها، وإتحاد ومسابقات محلية ودولية، وإنشاء
قنوات تحتكر إذاعة المباريات، فتحولت الرياضة من ممارسة إلى طريق للتكسب
والتربح، ليس الفردي ، بل الدولي، وأضحت بعض الدول تخرج من ميزانيتها ما
تسعى للمشاركة الدولية، على حساب تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن أن
يستغني عنها أي إنسان .
ولكن برزت إشكاليات أخرى كما نقرأ في وسائل
الإعلام فهناك الرياضات العنيفة ، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس
كالملاكمة والمصارعة في بعض أشكالهما ..فماذا تقولون في هذه الإشكاليات؟
نعم في الواقع برزت إشكاليات أخرى في عالم الرياضة كالرياضات
العنيفة، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس كالملاكمة والمصارعة في بعض
أشكالهما، بل وأدخل الحيوان فيها ليصارعه الإنسان فيما يعرف بمصارعة
الثيران، وكذلك الرياضات مع باقي الحيوانات كالأسود والثعابين واستعراض
القوى، مما قد يؤدي إلى قتل الإنسان نفسه من خلال تلك الرياضة.
ولكن هناك فوائد محققة في ممارسة الرياضة في تقوية جسم الإنسان؟
حث الإسلام على ممارسة الرياضة النافعة للجسد وجعلها من الأعمال الفاضلة و
تأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية الصحية،
باعتبارها علامة من علامات الصحة، ووسيلة فعَّالة ناجحة للترقي بالإنسان في
مراتب التفوق البدني، حتى إنها - في كثير من الأحيان- لتسبق بالإنسان نحو
السلامة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء، فقد أصبحت ممارسة
أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلاً في علاج بعض الأمراض المتعلقة
بزيادة الوزن، والإصابات الجسمية، والجلطات الدموية ونحوها من الأمراض،
إضافة إلى كونها وسيلة فعَّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لاستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية، والأندية التأهيلية، حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية
مرادهم من الأجهزة والوسائل والتدريب والإشراف ما يُعينهم على تجاوز
أزماتهم الصحية، في وقت قلَّت فيه حركة الإنسان اليومية؛ حين نابت عنه
الآلات الصناعية في كثير من أعماله البدنية .
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع، ولا سيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو
أبعد من مجرد الصحة البدنية بكثير، حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً
لا تكاد تحصى من الألعاب والأنشطة الإنسانية المختلفة، ويستقطب في برامجه
كل فئات المجتمع، فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ
الممارسة العملية، باعتباره هدفاً رئيساً، وغاية ضرورية من غايات الرياضة
إلى أن تصل بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الاستثماري، فتصبح الرياضة
سلعة استهلاكية يتَّجر بها المستثمرون المتربِّصون بحاجات الناس
ومتطلباتهم، فراجت تجارة اللاعبين، والمقامرة المالية، والدعاية الإعلامية،
والشهرة العالمية، والثقافة الرياضية، ومتعة التفرج، وأقيمت المنشأت
للمنافسات الدولية، ونحوها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
التي لا علاقة لها أصلاً بمبدأ الرياضة البدنية.
إذا كيف تنظرون إلى أنواع الرياضة العالمي من المنظور الفقهي؟
إن أنواع الرياضة العالمي، بكل ما تحويه من التفاعل الحركي، والتنافس
الدولي، والاستهلاك الثقافي، والمتعة الشخصية، والممارسة الواقعية: لا تزيد
- في المفهوم الإسلامي - عن كونها مصلحة كمالية في غالب الأحوال، لا يجوز
أن تتعارض مع مصلحة حاجية، فضلاً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإلا أصبحت
محرمة شرعاً ، وواقع الممارسات الرياضية، وما يلحق بها من أنشطة وألعاب
ومنافسات ومخاطرات، وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلاقية كالتبرج في النساء،
والاختلاط بين الجنسين، من غير المحارم، والمقامرة المالية، وما يتبع ذلك
من تضييع للواجبات، ووقوع في المحرمات، كل ذلك ينقل هذه الممارسات الرياضية
من الإباحة إلى الكراهية وإلى التحريم، بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة، التي حذر الشارع الحكيم منها وتوعَّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة واحتراف الألعاب يتوقف حكمه على مدى الحاجة إليه والمصلحة
التي تعود للمجتمع منه.
ما رأي فضيلتكم في التحزب الرياضي؟
لا يرضى الإسلام بالتحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد
بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد،
ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف،كما لا يجوز إخراج الألفاظ النابية من فريق
لآخر، وتكره التصرفات التي تقلل من كرامة الإنسان سواء أكانت في التشجيع أم
في اللعب.
ما نصيحتكم للشاب الذين يمارسون الرياضة؟
من الأدب أن يمارس كل جنس ما يوافقه من ألعاب رياضية، وألا يقوم الرجال برياضة النساء ولا العكس.
و الأصل أن يحافظ الناس على الصلاة ولا يتركونها لأجل الرياضة، وفي حالات
المبارايات الدولية، يؤخذ بأخف الآراء في الوقت الصلاة مما يجعل الناس
يحافظون على الصلاة ويخرجون لتشجيع فريقهم القومي، كتقديم وقت صلاة الجمعة
عن وقت صلاة الظهر كما هو مذهب الحنابلة.
كما أود أن أنبه أنه يجوز للنساء ممارسة الرياضة المباحة مع الالتزام بالشروط الواجبة كستر العورة وعدم الضرر والإيذاء وغير ذلك.
ولا بأس بممارسة رياضة "العدو" من المرأة مع محارمها في الحدائق العامة مع التزام الحجاب الشرعي.
بما أن الفقه الإسلامي يعالج كل المسائل في حياة الناس فما نصيحتكم للشاب من أجل التزود من الفقه الإسلامي؟
تظهر حاجة الشاب الدينية إلى الفقه الإسلامي و الثقافة الإسلامية للتخلص من
التعصب المذهبي، فبدل أن يكون التعصب لآراء الرجال وأفكارهم وأقوالهم يكون
تعصبه للحق المشفوع بالدليل والبرهان.
كما تظهر الحاجة الشرعية بالفقه الإسلامي و للثقافة الإسلامية أيضاً لتوضيح
كثير من الانحرافات في المفاهيم الإسلامية..ولا نبالغ إذا قلنا إن
الاهتمام بالفقه الإسلامي هو الأساس الذي ينبثق منه جميع الحاجات الأخرى
الفكرية أو الانتمائية أو الاجتماعية أو الخلقية على حد سواء ... إلخ ، بل
إن هذه الحاجة هي التي تحدد مصير الإنسان الأبدي فيما بعد هذه الحياة
الدنيوية القصيرة الزائلة.
هل من كلمة للعاملين في موقع الفقه الإسلامي؟
أقول لهم: إن موقع الفقه الإسلامي من المواقع الهادفة التي تساهم في نشر
المفاهيم الفقهية والثقافة الشرعية في أوساط طلبة العلم ؛ فأنصح العاملين
في هذا الموقع بتحري الدقة والإخلاص في عملهم بما يرضي الله ـ عزوجل.
الفقه اليوم / متفرقات
الدكتور الروقي رئيس قسم الشريعة بجامعة الطائف في حوار مع الفقه الإسلامي
حوار: فضل الله ممتاز
ما هي أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على
الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله
الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل
منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس
على ما يرضي الله تعالى، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (والله ورسوله أحق
أن يرضوه) . وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة
العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا،
وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم
ومتعاطف..
فضيلة الدكتور كيف يمكن بيان مرونة الفقه الإسلامي وأنه يحث على التراحم؟
نعم حينما نسمع بقسوة القلوب ، وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين
حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا
كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه
وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى:
(إنما المؤمنون إخوة) وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى).وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) وروى البخاري عن أبي موسى -رضي
الله عنه- عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه. وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب
لنفسك تكن مسلماً) وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره
لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان.
ما نصيحتكم لمن يقدر على الشفاعة الحسنة من أجل بيان مرونة الشرعية الإسلامية وأن الدين يسر؟
أقول : يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع
للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة،
سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل
سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة)
وروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع
إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده
مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية
كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها
بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون
إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذلك بدون شفاعة مؤتمن على
حقوق الناس ومصالحهم.قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
جهولا). وقال: )إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى" أهلها وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا
بصيرا(.
ولكن هناك وساطات تضيع الحقوق .. فما رأيكم في هذه الوساطات؟
لا يجور قبول الوساطات التي تضيع الحقوق، وتحيد عن العدل
والمساواة ، وتولد الشعور بالظلم والغبن وفقدان الثقة بين أفراد المجتمع، و
تساعد على الباطل والإثم، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى" ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، وقال
سبحانه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) .
فضيلة الدكتور ، بما أن الفقه الإسلامي يعالج واقع الناس، فما رأي فضيلتكم في ممارسة الرياضة التي يمارسها الشباب المسلم ؟
إن مجال الرياضة يتسع للكبير والصغير، وتختلف دوافع أهله، وتتفاوت
طموحاتهم، وتتنوع طاقاتهم، فمنهم المحسن، ومنهم المسيء. والرياضة في ذاتها
سواء كانت بدنية أو ذهنية، منها النافع المفيد، ومنها الضار الفاسد، وتكاد
تكون ممارسة الرياضة من الأنشطة الإنسانية التي بدأها الإنسان منذ فجر
قديم، بعضها كان يتعلق بتقوية البنية الجسدية، وبعضها تعلق بالتدريب اليومي
فيما يصب في فنون القتال والحرب بصورته القديمة، وبعضها كان من باب
التسلية، غير أن تحول الرياضات إلى مؤسسات ضخمة، ورصد الدول لها مليارات
الأموال، وإنشاء أندية خاصة بها، وإتحاد ومسابقات محلية ودولية، وإنشاء
قنوات تحتكر إذاعة المباريات، فتحولت الرياضة من ممارسة إلى طريق للتكسب
والتربح، ليس الفردي ، بل الدولي، وأضحت بعض الدول تخرج من ميزانيتها ما
تسعى للمشاركة الدولية، على حساب تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن أن
يستغني عنها أي إنسان .
ولكن برزت إشكاليات أخرى كما نقرأ في وسائل
الإعلام فهناك الرياضات العنيفة ، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس
كالملاكمة والمصارعة في بعض أشكالهما ..فماذا تقولون في هذه الإشكاليات؟
نعم في الواقع برزت إشكاليات أخرى في عالم الرياضة كالرياضات
العنيفة، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس كالملاكمة والمصارعة في بعض
أشكالهما، بل وأدخل الحيوان فيها ليصارعه الإنسان فيما يعرف بمصارعة
الثيران، وكذلك الرياضات مع باقي الحيوانات كالأسود والثعابين واستعراض
القوى، مما قد يؤدي إلى قتل الإنسان نفسه من خلال تلك الرياضة.
ولكن هناك فوائد محققة في ممارسة الرياضة في تقوية جسم الإنسان؟
حث الإسلام على ممارسة الرياضة النافعة للجسد وجعلها من الأعمال الفاضلة و
تأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية الصحية،
باعتبارها علامة من علامات الصحة، ووسيلة فعَّالة ناجحة للترقي بالإنسان في
مراتب التفوق البدني، حتى إنها - في كثير من الأحيان- لتسبق بالإنسان نحو
السلامة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء، فقد أصبحت ممارسة
أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلاً في علاج بعض الأمراض المتعلقة
بزيادة الوزن، والإصابات الجسمية، والجلطات الدموية ونحوها من الأمراض،
إضافة إلى كونها وسيلة فعَّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لاستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية، والأندية التأهيلية، حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية
مرادهم من الأجهزة والوسائل والتدريب والإشراف ما يُعينهم على تجاوز
أزماتهم الصحية، في وقت قلَّت فيه حركة الإنسان اليومية؛ حين نابت عنه
الآلات الصناعية في كثير من أعماله البدنية .
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع، ولا سيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو
أبعد من مجرد الصحة البدنية بكثير، حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً
لا تكاد تحصى من الألعاب والأنشطة الإنسانية المختلفة، ويستقطب في برامجه
كل فئات المجتمع، فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ
الممارسة العملية، باعتباره هدفاً رئيساً، وغاية ضرورية من غايات الرياضة
إلى أن تصل بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الاستثماري، فتصبح الرياضة
سلعة استهلاكية يتَّجر بها المستثمرون المتربِّصون بحاجات الناس
ومتطلباتهم، فراجت تجارة اللاعبين، والمقامرة المالية، والدعاية الإعلامية،
والشهرة العالمية، والثقافة الرياضية، ومتعة التفرج، وأقيمت المنشأت
للمنافسات الدولية، ونحوها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
التي لا علاقة لها أصلاً بمبدأ الرياضة البدنية.
إذا كيف تنظرون إلى أنواع الرياضة العالمي من المنظور الفقهي؟
إن أنواع الرياضة العالمي، بكل ما تحويه من التفاعل الحركي، والتنافس
الدولي، والاستهلاك الثقافي، والمتعة الشخصية، والممارسة الواقعية: لا تزيد
- في المفهوم الإسلامي - عن كونها مصلحة كمالية في غالب الأحوال، لا يجوز
أن تتعارض مع مصلحة حاجية، فضلاً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإلا أصبحت
محرمة شرعاً ، وواقع الممارسات الرياضية، وما يلحق بها من أنشطة وألعاب
ومنافسات ومخاطرات، وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلاقية كالتبرج في النساء،
والاختلاط بين الجنسين، من غير المحارم، والمقامرة المالية، وما يتبع ذلك
من تضييع للواجبات، ووقوع في المحرمات، كل ذلك ينقل هذه الممارسات الرياضية
من الإباحة إلى الكراهية وإلى التحريم، بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة، التي حذر الشارع الحكيم منها وتوعَّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة واحتراف الألعاب يتوقف حكمه على مدى الحاجة إليه والمصلحة
التي تعود للمجتمع منه.
ما رأي فضيلتكم في التحزب الرياضي؟
لا يرضى الإسلام بالتحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد
بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد،
ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف،كما لا يجوز إخراج الألفاظ النابية من فريق
لآخر، وتكره التصرفات التي تقلل من كرامة الإنسان سواء أكانت في التشجيع أم
في اللعب.
ما نصيحتكم للشاب الذين يمارسون الرياضة؟
من الأدب أن يمارس كل جنس ما يوافقه من ألعاب رياضية، وألا يقوم الرجال برياضة النساء ولا العكس.
و الأصل أن يحافظ الناس على الصلاة ولا يتركونها لأجل الرياضة، وفي حالات
المبارايات الدولية، يؤخذ بأخف الآراء في الوقت الصلاة مما يجعل الناس
يحافظون على الصلاة ويخرجون لتشجيع فريقهم القومي، كتقديم وقت صلاة الجمعة
عن وقت صلاة الظهر كما هو مذهب الحنابلة.
كما أود أن أنبه أنه يجوز للنساء ممارسة الرياضة المباحة مع الالتزام بالشروط الواجبة كستر العورة وعدم الضرر والإيذاء وغير ذلك.
ولا بأس بممارسة رياضة "العدو" من المرأة مع محارمها في الحدائق العامة مع التزام الحجاب الشرعي.
بما أن الفقه الإسلامي يعالج كل المسائل في حياة الناس فما نصيحتكم للشاب من أجل التزود من الفقه الإسلامي؟
تظهر حاجة الشاب الدينية إلى الفقه الإسلامي و الثقافة الإسلامية للتخلص من
التعصب المذهبي، فبدل أن يكون التعصب لآراء الرجال وأفكارهم وأقوالهم يكون
تعصبه للحق المشفوع بالدليل والبرهان.
كما تظهر الحاجة الشرعية بالفقه الإسلامي و للثقافة الإسلامية أيضاً لتوضيح
كثير من الانحرافات في المفاهيم الإسلامية..ولا نبالغ إذا قلنا إن
الاهتمام بالفقه الإسلامي هو الأساس الذي ينبثق منه جميع الحاجات الأخرى
الفكرية أو الانتمائية أو الاجتماعية أو الخلقية على حد سواء ... إلخ ، بل
إن هذه الحاجة هي التي تحدد مصير الإنسان الأبدي فيما بعد هذه الحياة
الدنيوية القصيرة الزائلة.
هل من كلمة للعاملين في موقع الفقه الإسلامي؟
أقول لهم: إن موقع الفقه الإسلامي من المواقع الهادفة التي تساهم في نشر
المفاهيم الفقهية والثقافة الشرعية في أوساط طلبة العلم ؛ فأنصح العاملين
في هذا الموقع بتحري الدقة والإخلاص في عملهم بما يرضي الله ـ عزوجل.
حوار: فضل الله ممتاز
ما هي أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على
الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله
الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل
منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس
على ما يرضي الله تعالى، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (والله ورسوله أحق
أن يرضوه) . وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة
العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا،
وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم
ومتعاطف..
فضيلة الدكتور كيف يمكن بيان مرونة الفقه الإسلامي وأنه يحث على التراحم؟
نعم حينما نسمع بقسوة القلوب ، وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين
حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا
كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه
وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى:
(إنما المؤمنون إخوة) وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى).وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) وروى البخاري عن أبي موسى -رضي
الله عنه- عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه. وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب
لنفسك تكن مسلماً) وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره
لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان.
ما نصيحتكم لمن يقدر على الشفاعة الحسنة من أجل بيان مرونة الشرعية الإسلامية وأن الدين يسر؟
أقول : يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع
للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة،
سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل
سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة)
وروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع
إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده
مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية
كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها
بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون
إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذلك بدون شفاعة مؤتمن على
حقوق الناس ومصالحهم.قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
جهولا). وقال: )إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى" أهلها وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا
بصيرا(.
ولكن هناك وساطات تضيع الحقوق .. فما رأيكم في هذه الوساطات؟
لا يجور قبول الوساطات التي تضيع الحقوق، وتحيد عن العدل
والمساواة ، وتولد الشعور بالظلم والغبن وفقدان الثقة بين أفراد المجتمع، و
تساعد على الباطل والإثم، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى" ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، وقال
سبحانه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) .
فضيلة الدكتور ، بما أن الفقه الإسلامي يعالج واقع الناس، فما رأي فضيلتكم في ممارسة الرياضة التي يمارسها الشباب المسلم ؟
إن مجال الرياضة يتسع للكبير والصغير، وتختلف دوافع أهله، وتتفاوت
طموحاتهم، وتتنوع طاقاتهم، فمنهم المحسن، ومنهم المسيء. والرياضة في ذاتها
سواء كانت بدنية أو ذهنية، منها النافع المفيد، ومنها الضار الفاسد، وتكاد
تكون ممارسة الرياضة من الأنشطة الإنسانية التي بدأها الإنسان منذ فجر
قديم، بعضها كان يتعلق بتقوية البنية الجسدية، وبعضها تعلق بالتدريب اليومي
فيما يصب في فنون القتال والحرب بصورته القديمة، وبعضها كان من باب
التسلية، غير أن تحول الرياضات إلى مؤسسات ضخمة، ورصد الدول لها مليارات
الأموال، وإنشاء أندية خاصة بها، وإتحاد ومسابقات محلية ودولية، وإنشاء
قنوات تحتكر إذاعة المباريات، فتحولت الرياضة من ممارسة إلى طريق للتكسب
والتربح، ليس الفردي ، بل الدولي، وأضحت بعض الدول تخرج من ميزانيتها ما
تسعى للمشاركة الدولية، على حساب تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن أن
يستغني عنها أي إنسان .
ولكن برزت إشكاليات أخرى كما نقرأ في وسائل
الإعلام فهناك الرياضات العنيفة ، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس
كالملاكمة والمصارعة في بعض أشكالهما ..فماذا تقولون في هذه الإشكاليات؟
نعم في الواقع برزت إشكاليات أخرى في عالم الرياضة كالرياضات
العنيفة، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس كالملاكمة والمصارعة في بعض
أشكالهما، بل وأدخل الحيوان فيها ليصارعه الإنسان فيما يعرف بمصارعة
الثيران، وكذلك الرياضات مع باقي الحيوانات كالأسود والثعابين واستعراض
القوى، مما قد يؤدي إلى قتل الإنسان نفسه من خلال تلك الرياضة.
ولكن هناك فوائد محققة في ممارسة الرياضة في تقوية جسم الإنسان؟
حث الإسلام على ممارسة الرياضة النافعة للجسد وجعلها من الأعمال الفاضلة و
تأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية الصحية،
باعتبارها علامة من علامات الصحة، ووسيلة فعَّالة ناجحة للترقي بالإنسان في
مراتب التفوق البدني، حتى إنها - في كثير من الأحيان- لتسبق بالإنسان نحو
السلامة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء، فقد أصبحت ممارسة
أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلاً في علاج بعض الأمراض المتعلقة
بزيادة الوزن، والإصابات الجسمية، والجلطات الدموية ونحوها من الأمراض،
إضافة إلى كونها وسيلة فعَّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لاستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية، والأندية التأهيلية، حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية
مرادهم من الأجهزة والوسائل والتدريب والإشراف ما يُعينهم على تجاوز
أزماتهم الصحية، في وقت قلَّت فيه حركة الإنسان اليومية؛ حين نابت عنه
الآلات الصناعية في كثير من أعماله البدنية .
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع، ولا سيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو
أبعد من مجرد الصحة البدنية بكثير، حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً
لا تكاد تحصى من الألعاب والأنشطة الإنسانية المختلفة، ويستقطب في برامجه
كل فئات المجتمع، فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ
الممارسة العملية، باعتباره هدفاً رئيساً، وغاية ضرورية من غايات الرياضة
إلى أن تصل بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الاستثماري، فتصبح الرياضة
سلعة استهلاكية يتَّجر بها المستثمرون المتربِّصون بحاجات الناس
ومتطلباتهم، فراجت تجارة اللاعبين، والمقامرة المالية، والدعاية الإعلامية،
والشهرة العالمية، والثقافة الرياضية، ومتعة التفرج، وأقيمت المنشأت
للمنافسات الدولية، ونحوها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
التي لا علاقة لها أصلاً بمبدأ الرياضة البدنية.
إذا كيف تنظرون إلى أنواع الرياضة العالمي من المنظور الفقهي؟
إن أنواع الرياضة العالمي، بكل ما تحويه من التفاعل الحركي، والتنافس
الدولي، والاستهلاك الثقافي، والمتعة الشخصية، والممارسة الواقعية: لا تزيد
- في المفهوم الإسلامي - عن كونها مصلحة كمالية في غالب الأحوال، لا يجوز
أن تتعارض مع مصلحة حاجية، فضلاً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإلا أصبحت
محرمة شرعاً ، وواقع الممارسات الرياضية، وما يلحق بها من أنشطة وألعاب
ومنافسات ومخاطرات، وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلاقية كالتبرج في النساء،
والاختلاط بين الجنسين، من غير المحارم، والمقامرة المالية، وما يتبع ذلك
من تضييع للواجبات، ووقوع في المحرمات، كل ذلك ينقل هذه الممارسات الرياضية
من الإباحة إلى الكراهية وإلى التحريم، بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة، التي حذر الشارع الحكيم منها وتوعَّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة واحتراف الألعاب يتوقف حكمه على مدى الحاجة إليه والمصلحة
التي تعود للمجتمع منه.
ما رأي فضيلتكم في التحزب الرياضي؟
لا يرضى الإسلام بالتحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد
بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد،
ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف،كما لا يجوز إخراج الألفاظ النابية من فريق
لآخر، وتكره التصرفات التي تقلل من كرامة الإنسان سواء أكانت في التشجيع أم
في اللعب.
ما نصيحتكم للشاب الذين يمارسون الرياضة؟
من الأدب أن يمارس كل جنس ما يوافقه من ألعاب رياضية، وألا يقوم الرجال برياضة النساء ولا العكس.
و الأصل أن يحافظ الناس على الصلاة ولا يتركونها لأجل الرياضة، وفي حالات
المبارايات الدولية، يؤخذ بأخف الآراء في الوقت الصلاة مما يجعل الناس
يحافظون على الصلاة ويخرجون لتشجيع فريقهم القومي، كتقديم وقت صلاة الجمعة
عن وقت صلاة الظهر كما هو مذهب الحنابلة.
كما أود أن أنبه أنه يجوز للنساء ممارسة الرياضة المباحة مع الالتزام بالشروط الواجبة كستر العورة وعدم الضرر والإيذاء وغير ذلك.
ولا بأس بممارسة رياضة "العدو" من المرأة مع محارمها في الحدائق العامة مع التزام الحجاب الشرعي.
بما أن الفقه الإسلامي يعالج كل المسائل في حياة الناس فما نصيحتكم للشاب من أجل التزود من الفقه الإسلامي؟
تظهر حاجة الشاب الدينية إلى الفقه الإسلامي و الثقافة الإسلامية للتخلص من
التعصب المذهبي، فبدل أن يكون التعصب لآراء الرجال وأفكارهم وأقوالهم يكون
تعصبه للحق المشفوع بالدليل والبرهان.
كما تظهر الحاجة الشرعية بالفقه الإسلامي و للثقافة الإسلامية أيضاً لتوضيح
كثير من الانحرافات في المفاهيم الإسلامية..ولا نبالغ إذا قلنا إن
الاهتمام بالفقه الإسلامي هو الأساس الذي ينبثق منه جميع الحاجات الأخرى
الفكرية أو الانتمائية أو الاجتماعية أو الخلقية على حد سواء ... إلخ ، بل
إن هذه الحاجة هي التي تحدد مصير الإنسان الأبدي فيما بعد هذه الحياة
الدنيوية القصيرة الزائلة.
هل من كلمة للعاملين في موقع الفقه الإسلامي؟
أقول لهم: إن موقع الفقه الإسلامي من المواقع الهادفة التي تساهم في نشر
المفاهيم الفقهية والثقافة الشرعية في أوساط طلبة العلم ؛ فأنصح العاملين
في هذا الموقع بتحري الدقة والإخلاص في عملهم بما يرضي الله ـ عزوجل.
الفقه اليوم / متفرقات
الدكتور الروقي رئيس قسم الشريعة بجامعة الطائف في حوار مع الفقه الإسلامي
حوار: فضل الله ممتاز
ما هي أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على
الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله
الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل
منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس
على ما يرضي الله تعالى، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (والله ورسوله أحق
أن يرضوه) . وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة
العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا،
وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم
ومتعاطف..
فضيلة الدكتور كيف يمكن بيان مرونة الفقه الإسلامي وأنه يحث على التراحم؟
نعم حينما نسمع بقسوة القلوب ، وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين
حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا
كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه
وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى:
(إنما المؤمنون إخوة) وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى).وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) وروى البخاري عن أبي موسى -رضي
الله عنه- عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه. وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب
لنفسك تكن مسلماً) وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره
لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان.
ما نصيحتكم لمن يقدر على الشفاعة الحسنة من أجل بيان مرونة الشرعية الإسلامية وأن الدين يسر؟
أقول : يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع
للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة،
سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل
سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة)
وروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع
إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده
مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية
كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها
بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون
إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذلك بدون شفاعة مؤتمن على
حقوق الناس ومصالحهم.قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
جهولا). وقال: )إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى" أهلها وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا
بصيرا(.
ولكن هناك وساطات تضيع الحقوق .. فما رأيكم في هذه الوساطات؟
لا يجور قبول الوساطات التي تضيع الحقوق، وتحيد عن العدل
والمساواة ، وتولد الشعور بالظلم والغبن وفقدان الثقة بين أفراد المجتمع، و
تساعد على الباطل والإثم، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى" ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، وقال
سبحانه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) .
فضيلة الدكتور ، بما أن الفقه الإسلامي يعالج واقع الناس، فما رأي فضيلتكم في ممارسة الرياضة التي يمارسها الشباب المسلم ؟
إن مجال الرياضة يتسع للكبير والصغير، وتختلف دوافع أهله، وتتفاوت
طموحاتهم، وتتنوع طاقاتهم، فمنهم المحسن، ومنهم المسيء. والرياضة في ذاتها
سواء كانت بدنية أو ذهنية، منها النافع المفيد، ومنها الضار الفاسد، وتكاد
تكون ممارسة الرياضة من الأنشطة الإنسانية التي بدأها الإنسان منذ فجر
قديم، بعضها كان يتعلق بتقوية البنية الجسدية، وبعضها تعلق بالتدريب اليومي
فيما يصب في فنون القتال والحرب بصورته القديمة، وبعضها كان من باب
التسلية، غير أن تحول الرياضات إلى مؤسسات ضخمة، ورصد الدول لها مليارات
الأموال، وإنشاء أندية خاصة بها، وإتحاد ومسابقات محلية ودولية، وإنشاء
قنوات تحتكر إذاعة المباريات، فتحولت الرياضة من ممارسة إلى طريق للتكسب
والتربح، ليس الفردي ، بل الدولي، وأضحت بعض الدول تخرج من ميزانيتها ما
تسعى للمشاركة الدولية، على حساب تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن أن
يستغني عنها أي إنسان .
ولكن برزت إشكاليات أخرى كما نقرأ في وسائل
الإعلام فهناك الرياضات العنيفة ، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس
كالملاكمة والمصارعة في بعض أشكالهما ..فماذا تقولون في هذه الإشكاليات؟
نعم في الواقع برزت إشكاليات أخرى في عالم الرياضة كالرياضات
العنيفة، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس كالملاكمة والمصارعة في بعض
أشكالهما، بل وأدخل الحيوان فيها ليصارعه الإنسان فيما يعرف بمصارعة
الثيران، وكذلك الرياضات مع باقي الحيوانات كالأسود والثعابين واستعراض
القوى، مما قد يؤدي إلى قتل الإنسان نفسه من خلال تلك الرياضة.
ولكن هناك فوائد محققة في ممارسة الرياضة في تقوية جسم الإنسان؟
حث الإسلام على ممارسة الرياضة النافعة للجسد وجعلها من الأعمال الفاضلة و
تأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية الصحية،
باعتبارها علامة من علامات الصحة، ووسيلة فعَّالة ناجحة للترقي بالإنسان في
مراتب التفوق البدني، حتى إنها - في كثير من الأحيان- لتسبق بالإنسان نحو
السلامة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء، فقد أصبحت ممارسة
أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلاً في علاج بعض الأمراض المتعلقة
بزيادة الوزن، والإصابات الجسمية، والجلطات الدموية ونحوها من الأمراض،
إضافة إلى كونها وسيلة فعَّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لاستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية، والأندية التأهيلية، حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية
مرادهم من الأجهزة والوسائل والتدريب والإشراف ما يُعينهم على تجاوز
أزماتهم الصحية، في وقت قلَّت فيه حركة الإنسان اليومية؛ حين نابت عنه
الآلات الصناعية في كثير من أعماله البدنية .
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع، ولا سيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو
أبعد من مجرد الصحة البدنية بكثير، حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً
لا تكاد تحصى من الألعاب والأنشطة الإنسانية المختلفة، ويستقطب في برامجه
كل فئات المجتمع، فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ
الممارسة العملية، باعتباره هدفاً رئيساً، وغاية ضرورية من غايات الرياضة
إلى أن تصل بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الاستثماري، فتصبح الرياضة
سلعة استهلاكية يتَّجر بها المستثمرون المتربِّصون بحاجات الناس
ومتطلباتهم، فراجت تجارة اللاعبين، والمقامرة المالية، والدعاية الإعلامية،
والشهرة العالمية، والثقافة الرياضية، ومتعة التفرج، وأقيمت المنشأت
للمنافسات الدولية، ونحوها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
التي لا علاقة لها أصلاً بمبدأ الرياضة البدنية.
إذا كيف تنظرون إلى أنواع الرياضة العالمي من المنظور الفقهي؟
إن أنواع الرياضة العالمي، بكل ما تحويه من التفاعل الحركي، والتنافس
الدولي، والاستهلاك الثقافي، والمتعة الشخصية، والممارسة الواقعية: لا تزيد
- في المفهوم الإسلامي - عن كونها مصلحة كمالية في غالب الأحوال، لا يجوز
أن تتعارض مع مصلحة حاجية، فضلاً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإلا أصبحت
محرمة شرعاً ، وواقع الممارسات الرياضية، وما يلحق بها من أنشطة وألعاب
ومنافسات ومخاطرات، وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلاقية كالتبرج في النساء،
والاختلاط بين الجنسين، من غير المحارم، والمقامرة المالية، وما يتبع ذلك
من تضييع للواجبات، ووقوع في المحرمات، كل ذلك ينقل هذه الممارسات الرياضية
من الإباحة إلى الكراهية وإلى التحريم، بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة، التي حذر الشارع الحكيم منها وتوعَّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة واحتراف الألعاب يتوقف حكمه على مدى الحاجة إليه والمصلحة
التي تعود للمجتمع منه.
ما رأي فضيلتكم في التحزب الرياضي؟
لا يرضى الإسلام بالتحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد
بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد،
ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف،كما لا يجوز إخراج الألفاظ النابية من فريق
لآخر، وتكره التصرفات التي تقلل من كرامة الإنسان سواء أكانت في التشجيع أم
في اللعب.
ما نصيحتكم للشاب الذين يمارسون الرياضة؟
من الأدب أن يمارس كل جنس ما يوافقه من ألعاب رياضية، وألا يقوم الرجال برياضة النساء ولا العكس.
و الأصل أن يحافظ الناس على الصلاة ولا يتركونها لأجل الرياضة، وفي حالات
المبارايات الدولية، يؤخذ بأخف الآراء في الوقت الصلاة مما يجعل الناس
يحافظون على الصلاة ويخرجون لتشجيع فريقهم القومي، كتقديم وقت صلاة الجمعة
عن وقت صلاة الظهر كما هو مذهب الحنابلة.
كما أود أن أنبه أنه يجوز للنساء ممارسة الرياضة المباحة مع الالتزام بالشروط الواجبة كستر العورة وعدم الضرر والإيذاء وغير ذلك.
ولا بأس بممارسة رياضة "العدو" من المرأة مع محارمها في الحدائق العامة مع التزام الحجاب الشرعي.
بما أن الفقه الإسلامي يعالج كل المسائل في حياة الناس فما نصيحتكم للشاب من أجل التزود من الفقه الإسلامي؟
تظهر حاجة الشاب الدينية إلى الفقه الإسلامي و الثقافة الإسلامية للتخلص من
التعصب المذهبي، فبدل أن يكون التعصب لآراء الرجال وأفكارهم وأقوالهم يكون
تعصبه للحق المشفوع بالدليل والبرهان.
كما تظهر الحاجة الشرعية بالفقه الإسلامي و للثقافة الإسلامية أيضاً لتوضيح
كثير من الانحرافات في المفاهيم الإسلامية..ولا نبالغ إذا قلنا إن
الاهتمام بالفقه الإسلامي هو الأساس الذي ينبثق منه جميع الحاجات الأخرى
الفكرية أو الانتمائية أو الاجتماعية أو الخلقية على حد سواء ... إلخ ، بل
إن هذه الحاجة هي التي تحدد مصير الإنسان الأبدي فيما بعد هذه الحياة
الدنيوية القصيرة الزائلة.
هل من كلمة للعاملين في موقع الفقه الإسلامي؟
أقول لهم: إن موقع الفقه الإسلامي من المواقع الهادفة التي تساهم في نشر
المفاهيم الفقهية والثقافة الشرعية في أوساط طلبة العلم ؛ فأنصح العاملين
في هذا الموقع بتحري الدقة والإخلاص في عملهم بما يرضي الله ـ عزوجل.
الفقه اليوم / متفرقات
الدكتور الروقي رئيس قسم الشريعة بجامعة الطائف في حوار مع الفقه الإسلامي
حوار: فضل الله ممتاز
ما هي أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على
الرحمة المهداة والنعمة المُسْداة، سيدنا محمد الصادق الأمين، وعلى آله
الأبرار وأصحابه الأخيار والتابعين بإحسان.
أما بعد، فإن من أهم المسائل الفقهية التي تمس واقع المسلمين اليوم ما يتصل
منها ببناء المجتمع الإسلامي، وذلك بإصلاح أفراده ومؤسساته وفق نظام مؤسس
على ما يرضي الله تعالى، ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (والله ورسوله أحق
أن يرضوه) . وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في بلاد الحرمين الشريفين المملكة
العربية السعودية، من تطبيق الشريعة وأحكامها من قبل من ولاهم الله أمرنا،
وفقهم الله وزادهم براً وهدى، ومجتمعنا المسلم والحمد لله مجتمع متراحم
ومتعاطف..
فضيلة الدكتور كيف يمكن بيان مرونة الفقه الإسلامي وأنه يحث على التراحم؟
نعم حينما نسمع بقسوة القلوب ، وانعدام الرحمة منها عند البعض من المسلمين
حتى إن الرجل يستعين بأخيه فلا يعينه ويستشفع به فلا يشفع له، إلا إذا
كانت تلك الإعانة وتلك الشفاعة تحقق له مصلحة أو تدفع عنه مضرة، وإلا تركه
وشأنه كأنه لا يعرفه ولا تربطه به أي رابطة من الروابط. وقد قال تعالى:
(إنما المؤمنون إخوة) وقال نبيه عليه السلام: (مثل المؤمنين في توادهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى).وفي الصحيح: (المسلم أخو المسلم) وروى البخاري عن أبي موسى -رضي
الله عنه- عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان
يشد بعضه بعضاً) وشبك بين أصابعه. وقال عليه السلام: (أحب للناس ما تحب
لنفسك تكن مسلماً) وفي لفظ عند أحمد: (وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره
لهم ما تكره لنفسك)، وذلك حينما سأل عن أفضل الإيمان.
ما نصيحتكم لمن يقدر على الشفاعة الحسنة من أجل بيان مرونة الشرعية الإسلامية وأن الدين يسر؟
أقول : يتوجب على كل من حباه الله حظاً من جاه أن يشفع
للمحتاجين، لدى الأغنياء والوجهاء والجهات المعنية بأمر العامة والخاصة،
سعياً في نفع الناس من قضاء ديون وتفريج هموم وتيسير عسير، ودفع ظلم وتحصيل
سبب رزق والظفر بحق؛ فإن ذلك كله من المعروف. وقد قال : (كل معروف صدقة)
وروي عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله). وهو بهذا مبارك على نفسه وعلى من شفع له وعلى من شفع
إليه إذا شفعه فإن الشافع مأجور ؛ والمشفوع له منصور؛ والمشفوع عنده
مبرور؛ وإحياء الشفاعة بين الناس خير. كما أن من يقبل الشفاعة عليه مسئولية
كبرى ومهمة عظمى، فيجب عليه أن يفوِّت الفرصة على شفعاء المصالح، ويغتنمها
بمساعدة الناس وتيسير أمورهم وقضاء حوائجهم، وإعطاء كل ذي حق حقه -دون
إلجائهم للتوسط بمثل هؤلاء- فهو مأمور ومنوط بفعل ذلك بدون شفاعة مؤتمن على
حقوق الناس ومصالحهم.قال تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض
والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما
جهولا). وقال: )إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى" أهلها وإذا حكمتم
بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا
بصيرا(.
ولكن هناك وساطات تضيع الحقوق .. فما رأيكم في هذه الوساطات؟
لا يجور قبول الوساطات التي تضيع الحقوق، وتحيد عن العدل
والمساواة ، وتولد الشعور بالظلم والغبن وفقدان الثقة بين أفراد المجتمع، و
تساعد على الباطل والإثم، وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى" ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، وقال
سبحانه: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) .
فضيلة الدكتور ، بما أن الفقه الإسلامي يعالج واقع الناس، فما رأي فضيلتكم في ممارسة الرياضة التي يمارسها الشباب المسلم ؟
إن مجال الرياضة يتسع للكبير والصغير، وتختلف دوافع أهله، وتتفاوت
طموحاتهم، وتتنوع طاقاتهم، فمنهم المحسن، ومنهم المسيء. والرياضة في ذاتها
سواء كانت بدنية أو ذهنية، منها النافع المفيد، ومنها الضار الفاسد، وتكاد
تكون ممارسة الرياضة من الأنشطة الإنسانية التي بدأها الإنسان منذ فجر
قديم، بعضها كان يتعلق بتقوية البنية الجسدية، وبعضها تعلق بالتدريب اليومي
فيما يصب في فنون القتال والحرب بصورته القديمة، وبعضها كان من باب
التسلية، غير أن تحول الرياضات إلى مؤسسات ضخمة، ورصد الدول لها مليارات
الأموال، وإنشاء أندية خاصة بها، وإتحاد ومسابقات محلية ودولية، وإنشاء
قنوات تحتكر إذاعة المباريات، فتحولت الرياضة من ممارسة إلى طريق للتكسب
والتربح، ليس الفردي ، بل الدولي، وأضحت بعض الدول تخرج من ميزانيتها ما
تسعى للمشاركة الدولية، على حساب تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن أن
يستغني عنها أي إنسان .
ولكن برزت إشكاليات أخرى كما نقرأ في وسائل
الإعلام فهناك الرياضات العنيفة ، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس
كالملاكمة والمصارعة في بعض أشكالهما ..فماذا تقولون في هذه الإشكاليات؟
نعم في الواقع برزت إشكاليات أخرى في عالم الرياضة كالرياضات
العنيفة، التي قد تؤدي إلى وفاة بعض الناس كالملاكمة والمصارعة في بعض
أشكالهما، بل وأدخل الحيوان فيها ليصارعه الإنسان فيما يعرف بمصارعة
الثيران، وكذلك الرياضات مع باقي الحيوانات كالأسود والثعابين واستعراض
القوى، مما قد يؤدي إلى قتل الإنسان نفسه من خلال تلك الرياضة.
ولكن هناك فوائد محققة في ممارسة الرياضة في تقوية جسم الإنسان؟
حث الإسلام على ممارسة الرياضة النافعة للجسد وجعلها من الأعمال الفاضلة و
تأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية الصحية،
باعتبارها علامة من علامات الصحة، ووسيلة فعَّالة ناجحة للترقي بالإنسان في
مراتب التفوق البدني، حتى إنها - في كثير من الأحيان- لتسبق بالإنسان نحو
السلامة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء، فقد أصبحت ممارسة
أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلاً في علاج بعض الأمراض المتعلقة
بزيادة الوزن، والإصابات الجسمية، والجلطات الدموية ونحوها من الأمراض،
إضافة إلى كونها وسيلة فعَّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لاستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية، والأندية التأهيلية، حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية
مرادهم من الأجهزة والوسائل والتدريب والإشراف ما يُعينهم على تجاوز
أزماتهم الصحية، في وقت قلَّت فيه حركة الإنسان اليومية؛ حين نابت عنه
الآلات الصناعية في كثير من أعماله البدنية .
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع، ولا سيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو
أبعد من مجرد الصحة البدنية بكثير، حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً
لا تكاد تحصى من الألعاب والأنشطة الإنسانية المختلفة، ويستقطب في برامجه
كل فئات المجتمع، فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ
الممارسة العملية، باعتباره هدفاً رئيساً، وغاية ضرورية من غايات الرياضة
إلى أن تصل بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الاستثماري، فتصبح الرياضة
سلعة استهلاكية يتَّجر بها المستثمرون المتربِّصون بحاجات الناس
ومتطلباتهم، فراجت تجارة اللاعبين، والمقامرة المالية، والدعاية الإعلامية،
والشهرة العالمية، والثقافة الرياضية، ومتعة التفرج، وأقيمت المنشأت
للمنافسات الدولية، ونحوها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية
التي لا علاقة لها أصلاً بمبدأ الرياضة البدنية.
إذا كيف تنظرون إلى أنواع الرياضة العالمي من المنظور الفقهي؟
إن أنواع الرياضة العالمي، بكل ما تحويه من التفاعل الحركي، والتنافس
الدولي، والاستهلاك الثقافي، والمتعة الشخصية، والممارسة الواقعية: لا تزيد
- في المفهوم الإسلامي - عن كونها مصلحة كمالية في غالب الأحوال، لا يجوز
أن تتعارض مع مصلحة حاجية، فضلاً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإلا أصبحت
محرمة شرعاً ، وواقع الممارسات الرياضية، وما يلحق بها من أنشطة وألعاب
ومنافسات ومخاطرات، وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلاقية كالتبرج في النساء،
والاختلاط بين الجنسين، من غير المحارم، والمقامرة المالية، وما يتبع ذلك
من تضييع للواجبات، ووقوع في المحرمات، كل ذلك ينقل هذه الممارسات الرياضية
من الإباحة إلى الكراهية وإلى التحريم، بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة، التي حذر الشارع الحكيم منها وتوعَّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة واحتراف الألعاب يتوقف حكمه على مدى الحاجة إليه والمصلحة
التي تعود للمجتمع منه.
ما رأي فضيلتكم في التحزب الرياضي؟
لا يرضى الإسلام بالتحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد
بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد،
ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف،كما لا يجوز إخراج الألفاظ النابية من فريق
لآخر، وتكره التصرفات التي تقلل من كرامة الإنسان سواء أكانت في التشجيع أم
في اللعب.
ما نصيحتكم للشاب الذين يمارسون الرياضة؟
من الأدب أن يمارس كل جنس ما يوافقه من ألعاب رياضية، وألا يقوم الرجال برياضة النساء ولا العكس.
و الأصل أن يحافظ الناس على الصلاة ولا يتركونها لأجل الرياضة، وفي حالات
المبارايات الدولية، يؤخذ بأخف الآراء في الوقت الصلاة مما يجعل الناس
يحافظون على الصلاة ويخرجون لتشجيع فريقهم القومي، كتقديم وقت صلاة الجمعة
عن وقت صلاة الظهر كما هو مذهب الحنابلة.
كما أود أن أنبه أنه يجوز للنساء ممارسة الرياضة المباحة مع الالتزام بالشروط الواجبة كستر العورة وعدم الضرر والإيذاء وغير ذلك.
ولا بأس بممارسة رياضة "العدو" من المرأة مع محارمها في الحدائق العامة مع التزام الحجاب الشرعي.
بما أن الفقه الإسلامي يعالج كل المسائل في حياة الناس فما نصيحتكم للشاب من أجل التزود من الفقه الإسلامي؟
تظهر حاجة الشاب الدينية إلى الفقه الإسلامي و الثقافة الإسلامية للتخلص من
التعصب المذهبي، فبدل أن يكون التعصب لآراء الرجال وأفكارهم وأقوالهم يكون
تعصبه للحق المشفوع بالدليل والبرهان.
كما تظهر الحاجة الشرعية بالفقه الإسلامي و للثقافة الإسلامية أيضاً لتوضيح
كثير من الانحرافات في المفاهيم الإسلامية..ولا نبالغ إذا قلنا إن
الاهتمام بالفقه الإسلامي هو الأساس الذي ينبثق منه جميع الحاجات الأخرى
الفكرية أو الانتمائية أو الاجتماعية أو الخلقية على حد سواء ... إلخ ، بل
إن هذه الحاجة هي التي تحدد مصير الإنسان الأبدي فيما بعد هذه الحياة
الدنيوية القصيرة الزائلة.
هل من كلمة للعاملين في موقع الفقه الإسلامي؟
أقول لهم: إن موقع الفقه الإسلامي من المواقع الهادفة التي تساهم في نشر
المفاهيم الفقهية والثقافة الشرعية في أوساط طلبة العلم ؛ فأنصح العاملين
في هذا الموقع بتحري الدقة والإخلاص في عملهم بما يرضي الله ـ عزوجل.