فله بس اخوها علهمايو 18th 2011, 10:51 pm
هكذا صلى الأنبياء .
كل الأنبياء بعثوا بالصلاة ولهذا لو تأملت هديهم لوجدت الصلاة مذكورة في سيرة كل نبي . قال الله تعالى
((
أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح
ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن
خروا سجداً وبكياً )) ثم قال (( فخلف من بعدهم خلفُُ أضاعوا الصلاة
واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً )) . إذن فالأنبياء بعثوا بالصلاة وإذا
قرأوا القرآن خروا ساجدين خاشعين باكين لله تعالى . أما الذين من بعدهم ممن
غيروا وبدلوا وخالفوا هديهم فقد اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلوات . قال
الله تعالى : - (( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم
القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون
)) وكأن صلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت متقاربة في هيئتها وشكلها
ومظهرها ومخبرها وسرها وجوهرها . ففي حديث ابن عباس وابن عمر وهما حديثان
صحيحان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن
نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة ))
فهؤلاء
الأنبياء كلهم أمروا أن يقفوا بالصلاة خاشعين لله تعالى مخبتين بين يديه
منكسرين إليه واضعاً أحدهم يده اليمنى على يده اليسرى على جزءٍ من بدنه في
صلاته على صدره أو غيره . هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء
جميعاً . ووضع اليد على اليد في الصلاة هو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم
. وقد وردت فيه أحاديث كثيرة أوصلها بعض العلماء إلى درجة المتواتر الذي
ثبت ثبوتاً قطعياً ، أنه كان صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على
يده اليسرى في الصلاة ، وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد : -(( كان الناس
يأمرون الرجل أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة )) . وفي صحيح
مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( مررت على موسى وهو يصلي على
قبره ))[1]
وقال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : -(( أفضل
الصلاة صلاة داود ..)) وذكر عليه الصلاة والسلام أنه لما أُسري به إلى بيت
المقدس جُمع له الأنبياء هناك فصلى بهم إماماً وهم يصلون بصلاته )) ولاشك
والله تعالى أعلم – أن هؤلاء المأمومين من أنبياء الله ورسله كانوا يقتدون
بإمام الأئمة محمد عليه الصلاة والسلام ، فإذا كبّر كبّروا ، وإذا قرأ
أنصتوا ، وإذا قام قاموا ، وإذا ركع ركعوا ، وإذا سجد سجدوا ، وإذا قعد
قعدوا ، وإذا سلّم سلّموا من ورائه صلى الله عليه وعليهم جميعاً وسلّم فهذا
ما يقتضيه الشرع في إقتداء المأموم بالإمام ، وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) فكيف تظن هؤلاء
الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام صلوا خلف إمامهم- نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم – إلا أن يكونوا يصلون بصلاته حذو القذة بالقذة ويتبعونه في
كل أفعاله عليه الصلاة والسلام .
وفي آخر الزمان ذكر النبي صلى الله
عليه وسلم أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق
، فيصلي الفجر مع المسلمين يقتدي بإمامهم ويقول : (( أئمتكم أنتم أئمة
بعضكم لبعض تكرمة الله تعالى لهذه الأمة )) ولاشك أن عيسى حين يصلي سوف
يقتدي بسنة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام ، إذ أن شريعة محمّد صلى الله
عليه وسلم باقية إلى قيام الساعة ، وهي حق واجب على كل الناس الذين يأتون
من بعده ، فبذلك تعلم أن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بُعثوا
بالصلاة وأُمروا بها وأمروا بها غيرهم ، وأن صفة الصلاة عند الأنبياء
جميعاً – والله تعالى أعلم – متقاربة ، بل حتى الملائكة هم يصلون ، ولهم
صلوات كصلوات المسلمين ، قيام وركوع وسجود ، ففي الصحيح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : (( نزل جبريل فأمسّني فصليت معه )) وفي الحديث الذي رواه
أهل السنن أن جبريل أتى في اليوم الأول فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم
الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم الفجر في أول الوقت . وفي اليوم
الثاني نزل عليه السلام فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر ثم العصر ثم
المغرب ثم العشاء ثم الفجر في آخر الوقت وقال له : - (( الصلاة بين هذين
الوقتين )) وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه .. ألا تصفون
كما تصُّف الملائكة عند ربها ، قالوا وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال :
يُتمون الصف الأول فالأول ويتراصّون في الصف )) وفي الحديث الذي رواه أصحاب
السنن وغيرهم وهو حديث صحيح عن أبي ذر وغيره أيضاً أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : -(( أطت السماء وحُقّ لها أن تئط ، ما فيها موضع شبر إلا وفيها
ملك واضع جبهته ساجد لله تعالى يسبح الله ويحمده ، والله لو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ،
وخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى )) .. قال الله تعالى : - (( فإن
استكبروا فالذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )) .
وصلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيها كيفيتان :-
الكيفية الأولى : - الكيفية الباطنة : -
وهي
كمال الذل والخشوع لله تعالى وصدق التعبد والإقبال عليه والإنقطاع إليه
عما سواه ولهذا قال الله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم
خاشعون )) وقال : - (( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون
للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ويخرون
للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً )) وقد قام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ليلة تامة حتى أصبح . يقرأ آية واحدة من كتاب الله تعالى ، وكان يرددها
ويبكي كما في حديث أبي ذر عن النسائي وغيره وهي قوله تعالى (( إن تعذبهم
فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم )) فالخشوع سر الصلاة
ولبُّها وجوهرها وثمرتها ولاشك أن من الخشوع قدراً واجباً يأثم المرء بتركه
والتفريط فيه كما في حديث أبي قتادة الذي رواه أحمد والدارمي والحاكم
وصححه وسنده جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- (( أسوأ الناس سرقة
الذي يسرق من صلاته )) قالوا يارسول الله وكيف يسرق من صلاته ؟ قال لايتم
ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها )) ولا شك أن السرقة حرام ، بل هي من كبائر
الذنوب فكون النبي صلى الله عليه وسلم وصف ذلك الذي لا يتم خشوع الصلاة ولا
ركوعها ولا سجودها بأنه قد سرق بل عد سرقته أسوأ سرقة وعدّه هو أسوأ الناس
سرقة هذا دليل على أن من إتمام الركوع والسجود والخشوع في الصلاة قدراً
واجباً يأثم الإنسان بتركه ولا تتم الصلاة إلا به ، ولا شك أن الخشوع من
أعمال القلب . وأعمال القلب هي الأصل لأعمال الجوارح ، وفي الصحيحين من
حديث النعمان : - (( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت
فسد الجسد كله ألا وهي القلب فالأصل في أعمال الجوارح أعمال القلوب ، فإن
صلح القلب وأعماله صلحت أعمال الجوارح ، وإذا فسد القلب وأعماله فسدت أعمال
الجوارح ، والناس يتنافسون في أعمال الجوارح ، فربما تنافسوا في التبكير
إلى الصلاة وربما تنافسوا في الخشوع الظاهر في الصلاة وربما تنافسوا في
تطبيق السنن الواردة في الصلاة ، وربما تنافسوا في تطويل الصلاة وهذا كله
حسن وجيد ومشروع وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، وهو خير من التنافس في
الدنيا أو في الأموال أو في الأولاد أو في غير ذلك ، ولكن أعظم من هذا
التنافس على الأمور الظاهرة ، أن يتنافس الناس على الأمور الباطنة – أعمال
القلوب – ولكنهم لا يتنافسون فيها لأنها ليست مما تراه العين أو تسمعه
الأذن أو تلمسه اليد فهي سر لا يعلمه إلا العالم بالأسرار والخفيات وهو
الله سبحانه وتعالى . وفي صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن
وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤتى
كبيرة ، وذلك الدهر كله ))
يا سبحان الله !! .. أيُّ خير زيد بعد ذلك ؟
! كفارة لما قبلها من الذنوب !! .. وهي لا تستغرق منك أكثر من عشر دقائق !
.. والمقصود : الذنوب الصغيرة شريطة أن يحسن وضوءها وخشوعها وركوعها . وفي
الترمذي ومسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة ((
تشهُّدُُ في كل ركعتين وتخشّع وتضرّع وترفع يديك وتقول :يا اللهم .. يا
اللهم ، فمن لم يفعل فهي خداج .. فهي خداج )) وفي صحيح البخاري أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : - (( والله ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم ولا
سجودكم )) . والخشوع أيها الأحبة علمُُ ، ولا غرابة أن يتسابق الطلاب إلى
حضور المجالس التي فيها علمُُ لبعض الأحكام .. لكن كم رأينا ممن يتسابقون
إلى المجالس التي فيها علم القلوب كعلم الخشوع أو علم اليقين أو علم
الإقبال على الله ومعرفته ومحبته وغير ذلك .
فالخشوع علمُُ لأنه علمُُ
بالله وأسمائه وصفاته ومعرفة لعظيم قدره ، حتى لا يكون في شيء أكبر وأعظم
من الله تعالى ، ولهذا تستفتح الصلاة لتقول : - (( الله أكبر )) وغير
الخاشع يعد من الجاهلين ، وقد قال شداد بن
أوس – وهو صحابي – لجبير بن
نفيل : (( هل تدري ما ذهاب العلم ؟ قال : لا ، قال : ذهاب العلم ذهاب
أوعيته وهم العلماء . قال له : أتدري أي العلم يرفع أول ؟ قال لا أدري :
قال : أول علم يرفع من الناس علم الخشوع ، يوشك أن تدخل المسجد الجامع فلا
ترى فيه رجلاً خاشعاً )) وهذا الأثر رواه الإمام أحمد في مسنده والدارمي
وأهل السنن وهو حديث صحيح [1] - الصلاة في القبر من خصائص الأنبياء .
كل الأنبياء بعثوا بالصلاة ولهذا لو تأملت هديهم لوجدت الصلاة مذكورة في سيرة كل نبي . قال الله تعالى
((
أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح
ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن
خروا سجداً وبكياً )) ثم قال (( فخلف من بعدهم خلفُُ أضاعوا الصلاة
واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً )) . إذن فالأنبياء بعثوا بالصلاة وإذا
قرأوا القرآن خروا ساجدين خاشعين باكين لله تعالى . أما الذين من بعدهم ممن
غيروا وبدلوا وخالفوا هديهم فقد اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلوات . قال
الله تعالى : - (( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم
القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون
)) وكأن صلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت متقاربة في هيئتها وشكلها
ومظهرها ومخبرها وسرها وجوهرها . ففي حديث ابن عباس وابن عمر وهما حديثان
صحيحان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن
نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة ))
فهؤلاء
الأنبياء كلهم أمروا أن يقفوا بالصلاة خاشعين لله تعالى مخبتين بين يديه
منكسرين إليه واضعاً أحدهم يده اليمنى على يده اليسرى على جزءٍ من بدنه في
صلاته على صدره أو غيره . هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء
جميعاً . ووضع اليد على اليد في الصلاة هو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم
. وقد وردت فيه أحاديث كثيرة أوصلها بعض العلماء إلى درجة المتواتر الذي
ثبت ثبوتاً قطعياً ، أنه كان صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على
يده اليسرى في الصلاة ، وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد : -(( كان الناس
يأمرون الرجل أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة )) . وفي صحيح
مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( مررت على موسى وهو يصلي على
قبره ))[1]
وقال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : -(( أفضل
الصلاة صلاة داود ..)) وذكر عليه الصلاة والسلام أنه لما أُسري به إلى بيت
المقدس جُمع له الأنبياء هناك فصلى بهم إماماً وهم يصلون بصلاته )) ولاشك
والله تعالى أعلم – أن هؤلاء المأمومين من أنبياء الله ورسله كانوا يقتدون
بإمام الأئمة محمد عليه الصلاة والسلام ، فإذا كبّر كبّروا ، وإذا قرأ
أنصتوا ، وإذا قام قاموا ، وإذا ركع ركعوا ، وإذا سجد سجدوا ، وإذا قعد
قعدوا ، وإذا سلّم سلّموا من ورائه صلى الله عليه وعليهم جميعاً وسلّم فهذا
ما يقتضيه الشرع في إقتداء المأموم بالإمام ، وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) فكيف تظن هؤلاء
الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام صلوا خلف إمامهم- نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم – إلا أن يكونوا يصلون بصلاته حذو القذة بالقذة ويتبعونه في
كل أفعاله عليه الصلاة والسلام .
وفي آخر الزمان ذكر النبي صلى الله
عليه وسلم أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق
، فيصلي الفجر مع المسلمين يقتدي بإمامهم ويقول : (( أئمتكم أنتم أئمة
بعضكم لبعض تكرمة الله تعالى لهذه الأمة )) ولاشك أن عيسى حين يصلي سوف
يقتدي بسنة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام ، إذ أن شريعة محمّد صلى الله
عليه وسلم باقية إلى قيام الساعة ، وهي حق واجب على كل الناس الذين يأتون
من بعده ، فبذلك تعلم أن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بُعثوا
بالصلاة وأُمروا بها وأمروا بها غيرهم ، وأن صفة الصلاة عند الأنبياء
جميعاً – والله تعالى أعلم – متقاربة ، بل حتى الملائكة هم يصلون ، ولهم
صلوات كصلوات المسلمين ، قيام وركوع وسجود ، ففي الصحيح أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : (( نزل جبريل فأمسّني فصليت معه )) وفي الحديث الذي رواه
أهل السنن أن جبريل أتى في اليوم الأول فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم
الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم الفجر في أول الوقت . وفي اليوم
الثاني نزل عليه السلام فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر ثم العصر ثم
المغرب ثم العشاء ثم الفجر في آخر الوقت وقال له : - (( الصلاة بين هذين
الوقتين )) وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه .. ألا تصفون
كما تصُّف الملائكة عند ربها ، قالوا وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال :
يُتمون الصف الأول فالأول ويتراصّون في الصف )) وفي الحديث الذي رواه أصحاب
السنن وغيرهم وهو حديث صحيح عن أبي ذر وغيره أيضاً أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : -(( أطت السماء وحُقّ لها أن تئط ، ما فيها موضع شبر إلا وفيها
ملك واضع جبهته ساجد لله تعالى يسبح الله ويحمده ، والله لو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ،
وخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى )) .. قال الله تعالى : - (( فإن
استكبروا فالذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )) .
وصلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيها كيفيتان :-
الكيفية الأولى : - الكيفية الباطنة : -
وهي
كمال الذل والخشوع لله تعالى وصدق التعبد والإقبال عليه والإنقطاع إليه
عما سواه ولهذا قال الله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم
خاشعون )) وقال : - (( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون
للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ويخرون
للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً )) وقد قام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ليلة تامة حتى أصبح . يقرأ آية واحدة من كتاب الله تعالى ، وكان يرددها
ويبكي كما في حديث أبي ذر عن النسائي وغيره وهي قوله تعالى (( إن تعذبهم
فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم )) فالخشوع سر الصلاة
ولبُّها وجوهرها وثمرتها ولاشك أن من الخشوع قدراً واجباً يأثم المرء بتركه
والتفريط فيه كما في حديث أبي قتادة الذي رواه أحمد والدارمي والحاكم
وصححه وسنده جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- (( أسوأ الناس سرقة
الذي يسرق من صلاته )) قالوا يارسول الله وكيف يسرق من صلاته ؟ قال لايتم
ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها )) ولا شك أن السرقة حرام ، بل هي من كبائر
الذنوب فكون النبي صلى الله عليه وسلم وصف ذلك الذي لا يتم خشوع الصلاة ولا
ركوعها ولا سجودها بأنه قد سرق بل عد سرقته أسوأ سرقة وعدّه هو أسوأ الناس
سرقة هذا دليل على أن من إتمام الركوع والسجود والخشوع في الصلاة قدراً
واجباً يأثم الإنسان بتركه ولا تتم الصلاة إلا به ، ولا شك أن الخشوع من
أعمال القلب . وأعمال القلب هي الأصل لأعمال الجوارح ، وفي الصحيحين من
حديث النعمان : - (( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت
فسد الجسد كله ألا وهي القلب فالأصل في أعمال الجوارح أعمال القلوب ، فإن
صلح القلب وأعماله صلحت أعمال الجوارح ، وإذا فسد القلب وأعماله فسدت أعمال
الجوارح ، والناس يتنافسون في أعمال الجوارح ، فربما تنافسوا في التبكير
إلى الصلاة وربما تنافسوا في الخشوع الظاهر في الصلاة وربما تنافسوا في
تطبيق السنن الواردة في الصلاة ، وربما تنافسوا في تطويل الصلاة وهذا كله
حسن وجيد ومشروع وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، وهو خير من التنافس في
الدنيا أو في الأموال أو في الأولاد أو في غير ذلك ، ولكن أعظم من هذا
التنافس على الأمور الظاهرة ، أن يتنافس الناس على الأمور الباطنة – أعمال
القلوب – ولكنهم لا يتنافسون فيها لأنها ليست مما تراه العين أو تسمعه
الأذن أو تلمسه اليد فهي سر لا يعلمه إلا العالم بالأسرار والخفيات وهو
الله سبحانه وتعالى . وفي صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن
وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤتى
كبيرة ، وذلك الدهر كله ))
يا سبحان الله !! .. أيُّ خير زيد بعد ذلك ؟
! كفارة لما قبلها من الذنوب !! .. وهي لا تستغرق منك أكثر من عشر دقائق !
.. والمقصود : الذنوب الصغيرة شريطة أن يحسن وضوءها وخشوعها وركوعها . وفي
الترمذي ومسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة ((
تشهُّدُُ في كل ركعتين وتخشّع وتضرّع وترفع يديك وتقول :يا اللهم .. يا
اللهم ، فمن لم يفعل فهي خداج .. فهي خداج )) وفي صحيح البخاري أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : - (( والله ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم ولا
سجودكم )) . والخشوع أيها الأحبة علمُُ ، ولا غرابة أن يتسابق الطلاب إلى
حضور المجالس التي فيها علمُُ لبعض الأحكام .. لكن كم رأينا ممن يتسابقون
إلى المجالس التي فيها علم القلوب كعلم الخشوع أو علم اليقين أو علم
الإقبال على الله ومعرفته ومحبته وغير ذلك .
فالخشوع علمُُ لأنه علمُُ
بالله وأسمائه وصفاته ومعرفة لعظيم قدره ، حتى لا يكون في شيء أكبر وأعظم
من الله تعالى ، ولهذا تستفتح الصلاة لتقول : - (( الله أكبر )) وغير
الخاشع يعد من الجاهلين ، وقد قال شداد بن
أوس – وهو صحابي – لجبير بن
نفيل : (( هل تدري ما ذهاب العلم ؟ قال : لا ، قال : ذهاب العلم ذهاب
أوعيته وهم العلماء . قال له : أتدري أي العلم يرفع أول ؟ قال لا أدري :
قال : أول علم يرفع من الناس علم الخشوع ، يوشك أن تدخل المسجد الجامع فلا
ترى فيه رجلاً خاشعاً )) وهذا الأثر رواه الإمام أحمد في مسنده والدارمي
وأهل السنن وهو حديث صحيح [1] - الصلاة في القبر من خصائص الأنبياء .